ـ(106)ـ
والحقوقي، حتى ولو كان يستند إلى الأصول الأولى، إلا أن الذي يبدو للنظر هو: تحديدها كمفهوم على الشكل التالي:
الثقافة الإسلامية:
هي كل تصور يستند إلى الكتاب الكريم والسنة الشريفة في مجال تحديد الموقف من الوجود والتاريخ والإنسان في معتقداته وعواطفه وسلوكه الفردي والاجتماعيّ.
فكل عمل في هذا السبيل هو عمل ثقافي إسلامي، وكل متخصص أو متبحر فيه هو مثقف مسلم وعلى هذا الأساس وبملاحظة طبيعة الإسلام وأسلوب فهمه بشكل مشروع، ولكي نضمن دقة التطبيق لهذا المفهوم تجدنا بحاجة ماسة إلى العناصر التالية:
1 ـ تحديد معالم المصادر الإسلامية الرئيسة، وفي طليعتها: الكتاب والسنة والتوفر على علومهما بشكل كاف.
2 ـ تحديد أساليب الاستنباط منها، بل وامتلاك الاقتدار الاستنباطي المطلوب، والالتزام بالملاكات والضوابط التي تقبلها الشريعة لعملية الاجتهاد.
3 ـ امتلاك القدرة على تحقيق التنظير المطلوب؛ ذلك أن المراد لا يقتصر على فهم الموقف من هذا السلوك الفردي أو ذاك فحسب، بل يتجاوزه إلى تحديد الموقف النظري من مجموعة السلوكات المتناسقة، بل من مجمل السلوكات في أحد المجالات: الاقتصادية والحقوقية والاجتماعية والعبادية وغير ذلك،وربما تعدى الأمر ذلك إلى محاولة تكوين موقف نظري إجمالي من مجمل الحياة أو التأريخ أو الإنسان.
فالقدرة على التنظير في رأينا تتجاوز حتى قدرة الاستنباط الاجتهادي المتعارف الأصيل فضلا عن الاجتهاد الترجيحي، فكيف بنا ونحن نواجه ممارسات ثقافية من أناسٍ لا يملكون حتى هذه المستويات ؟
4 ـ التوفر على عناصر المرونة المطلوبة؛ ذلك انسجاماً مع خلود الإسلام، وأنه متكفل للتخطيط الإجمالي للمسيرة الاجتماعية إلى يوم الدين، وحل مشاكلها وتعقيداتها باستمرار، وهو ما أثبته خلال هذه القرون الممتدة، رغم ما واجهه من وثبات متتابعة على مر العصور، وما صاحبها من تعقيدات ومشاكل.