ـ(103)ـ
وتعالى أمرني أن أقرأ عليك القرآن، قال: فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب، قال: فقرأ فيها: ولو أن ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيته لسأل ثانيا... إلى آخر الرواية"(1).
وأيضا مثل: آية الرجم: عن عمر بن الخطاب في حديث أنه قال: (إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله: آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلهذا رجم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورجمنا بعده، فأخشى أن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلون بترك فريضة أنزلها الله..)(2).
قال شيخ الإسلام في حاشية صحيح البخاري: (آية الرجم: هي (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البته)، ولكن نسخت تلاوتها دون حكمها).
ومثل: ما أورده السيوطي، عن مصحف ابن مسعود من أن فيه (مائة واثنتا عشرة سورة؛ لأنه لم يكتب المعوذتين)، (وفي مصحف أبي بن كعب ست عشرة، لأنه كتب في آخره: سورتي الحفد والخلع)(3).
وهنا نصل إلى نقطة التقاء تدفعنا دفعا إلى أن ننادي بإزاحة هذه القضية من على مسرح الاختلاف بين الشيعة والسنة. فإذا كانت المسألة تصير إلى أن قضية تحريف القرآن شذوذ عند الفريقين وأن جمهور الفريقين قد ردها ورفضها فمن العبث أن تقف قضية بهذه الصورة حجر عثرة في سبيل التقارب بين شطري الأمة الإسلاميّة، وأن يتخذ منها مصدرا لبث الفرقة والاختلاف وتوجيه التهم، وكما قال قائلهم: (فإذا كان شذاذ منكم ومنا سبقهم الإجماع ولحقهم رووا ما اتفق المحققون والجمهور منا ومنكم على بطلانه ودلت عباراته بانحطاطها عن درجة القرآن الكريم على أنها ليست بقرآن فكيف تلصقون بنا عيبه وتبرئون أنفسكم، ما هذا بإنصاف ؟)(4).
بقيت مسألة، الحديث فيها من وجهة نظر خاصة، يجب التنبيه عليها والتحذير من
__________________________________
1 ـ مسند أحمد بن حنبل 5: 131.
2 ـ صحيح البخاري 5: 152، (باب رجم الحبلى من الزنا).
3 ـ الإتقان في علوم القرآن 1: 57، دار الندوة الجديدة، بيروت.
4 ـ الشيعة بين الحقائق والأوهام للسيد محسن الأمين: 169، مؤسسة الأعلمي، بيروت (1977م).