ـ(102)ـ
إثبات هذا المطلوب بهذه الآية يجري مجرى إثبات الشيء نفسه، وأنه باطل، والله أعلم)(1).
ورجعت إلى نصوص القاضي عبد الجبار في هذا الموضوع، فوجدته يصرح في عبارته: بأن القول بالزيادة والنقصان لا يجوز أن يكون إلاّ من فعل الملحدة الذين تستروا بإظهار مذهب الإمامية (2). وهذه العبارة تثبت أن القاضي يرى شذوذ هذا الرأي في وسط الإمامية والفكر الإمامي.
إن اختفاء هذه القضية برمتها من على صفحات كتب التفسير السني والمذاهب الكلامية السنية لهو أقوى دليل على أن هذه القضية لم تكن تستحق المناقشة ولا لا بحث، وإلاّ فبماذا نفسر صمت هؤلاء الأئمة الأعلام في تراثنا عن قضية خطيرة كهذه، تقول: إن في القرآن نقصا وتبديلا ؟
القضية الثانية:
وعلى الجانب الآخر نجد: أن الشيعة الإمامية قد وجهوا نفس هذه التهمة إلى السنة، وأصبح من المعتاد أن نجد في كتب المحدثين منهم ـ على الأقل ـ أبحاثا متخصصة في هذه المسألة، وقد نلتمس لهم بعض العذر في هذا الأمر، إذ من الضروري أن يكون هذا الموقف رد فعل على اتهامهم من قبل السنة بالتحريف، ودفاعا عن موقفهم اتجاهه. ولا نريد أن نستطرد في ذكر هذه الأبحاث، ولكن نختار منها ما ذكره أجلة علماء الشيعة المعاصرين من أمثال: الخوئي، والطباطبائي ومحسن الأمين، وكلها أقوال تدور حول إثبات أن تحريف القرآن بالنقص والزيادة وقع من طريق أهل السنة، ومعتمدهم في هذه الدعوى أحاديث وأخبار ورد معظمها في مسند الإمام أحمد بن حنبل وفي صحيح البخاري:
مثل: رواية أبي بن كعب التي يقول فيها: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)قال: "إن الله تبارك
__________________________________
1 ـ التفسير الكبير للفخر الرازي 19: 165، دار الفكر، بيروت (1981 م)، وانظر أيضاً روح المعاني للآلوسي 14: 16، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
2 ـ المغني لابن قدامة 16: 286.