ـ(265)ـ
شافعي أو مالكي ـ إلى آخره ـ لا يجوز كذلك أنّ يقوله السني عن الإمامي، أو الزيدي، ولا العكس، ولكن المعول عليه هو: كون الراوي كاذباً أو ليس بكاذب. وهذا عند التحقيق ما يعمل به السنة والإمامية والزيدية وإن تراءى من النظرة العاجلة أنّ كلا من الفريقين يرفض ما عند الآخر.
فالشيعة الإمامية ـ مثلاً ـ يشترطون في الحديث الذي يسمونه "الصحيح" أنّ يكون الراوي إمامياً ثبتت عدالته بالطريق الصحيح، وفي الحديث الذي يطلقون عليه لفظ "الحسن" أنّ يكون الراوي إمامياً ممدوحاً ولم ينص أحد على ذمه أو عدالته، وهذا إنّما هو اصطلاح لهم فيما يسمى بـ"الصحيح " وفيما يسمى بـ"الحسن، وليس كون الراوي إمامياً شرطاً في الصحة، أو الحسن بالمعنى المفهوم لغة، ويدل على ذلك ـ أي على أنّ الأمر أمر اصطلاح وتسمية ـ أنهم يذكرون إلى جانب هذين النوعين حديثاً يسمونه "الموثق"، وهو ما رواه مسلم غير شيعي، ولكنه ثقة أمين في النقل، ويعملون به كما يعملون بالنوعين الأولين (1).
وقال أحد محققيهم: (الموثق هو: ما رواه العدل غير الإمامي الموثوق بنقله، المعلوم من حاله التحرز عن الكذب والمواظبة على الحديث على ما هو عليه ) ثم ذكر المحقق بعضاً ممن عملت الإمامية بروايته وليس بشيعي فقال: (وممن عملت الطائفة بروايته من اهل السنة: حفص بن غياث، وغياث بن كلوب، ونوح بن دراج السكوني... إلى آخره).
وقال الشيخ محمّد حسن الصدر في تعليقه على ذلك بكتابه "الشيعة": (فأنت ترى أنّ الشيعة كانت ـ ولا تزال ـ تأخذ عن السني إذا عرفت منه الصدق وعلمت منه التحفظ، ومن المعلوم أنّ الشيعة لا تفحص عن الحديث عند ما يرويه المخالف؛ لأنه صادر من غير شيعي، لان طريقة الفحص تسير عليها الشيعة مع السني
__________________________________
1 ـ "مع الشيعة الإمامية" للأستاذ محمّد جواد مغنية رحمه الله: 72، وراجع في ذلك أيضاً "الرسالة الوجيزة" للشيخ بهاء الدين العاملي: 3.