ـ(140)ـ
ومنها: التخيير بين المسح والغسل، واختاره الثورية والبصرية والظاهرية والجريحية؛ لعدم الدليل على ترجيح إحدى القراءتين على الأخرى (1).
ومنها: الجمع بين المسح والغسل، واختاره بعض علماء الظاهرية والناصر للحق من أئمة مذهب الزيدية (2)؛ لتعدد قراءة الأرجل، ووجود العلم الإجمالي بين المسح والغسل، وهو يقتضي الجمع بينهما. وكيف كان فقد ذكرنا أدلة هذه الأقوال بصورةٍ مفصلةٍ في كتابنا الجزء الأول من "دروسٍ في الفقه المقارن"، ومن أراد الاطلاع عليها فليراجعه.
وهنا مثال آخر: أنّه لم يختلف أحد من علماء المذاهب في أنّ الاستطاعة موضوع لوجوب الحج لوضوح دليله وهو قوله تعالى: [ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين](3) وإنّما الخلاف وقع بينهم في أنّ المراد منها هل هو العقلية أو الشرعية أو العرفية وذلك لعدم التصريح في الآية بأحدها ؟
فمنهم: من يعتقد بأن المراد منها هو: العقلية أو الشرعية أو العرفية وذلك لعدم التصريح في الآية بأحدها؟
فمنهم: من يعتقد بأن المراد منها هو: العقلية، وهو ما ذهب إليه مالك بن أنس الأصبحي إمام مذهب المالكية؛ لاعتقاده بأنها المستفادة من ظاهر الآية، ولزوم حمل الأخبار الواردة في تفسيرها بالزاد والراحلة، وتخلية السرب على ما إذا لم يتمكن من الحج بدونها.
ومنهم: من يعتقد بأن المراد منها: العرفية، وهو منسوب إلى السيد المرتضى علم الهدى؛ لا عتقاده بأن الأخبار الواردة في تفسيرها لا تدل على أزيد من الاستطاعة العرفية.
ومنهم: من يعتقد بأن المراد منها هو: الشرعية، وذهب إليه فقهاء الإمامية
_____________________________________
1 ـ بداية المجتهد 1: 14، وعمدة القارئ 2: 238، والمبسوط 1: 8، وتفسير الطبري 6: 83.
2 ـ شرح مسلم للنووي 3: 129.
3 ـ آل عمران: 97.