ـ(86)ـ
للعالمين)(1)،
وقال تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)(2).
وقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يستخلف الناس في الأرض، قال تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)(3)، وأن يسخر لهم ما في السموات وما في الأرض من نعم، قال تعالى: (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة)(4)، وقال سبحانه: (ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلاً ما تشكرون)(5).
لقد أوضحت الآيات الكريمة: أن المال الذي بين أيدي الناس هو مال الله سبحانه استخلفهم فيه، ومنحهم إياه، وخولهم الانتفاع به والاستمتاع بطيباته ومظاهر زينته وجماله، فهم ليسوا ملاكاً أصليين له، ولا أصحاب حق طبيعي في تملكه، بل هو هبة وتفضل ونعمة منه سبحانه، ومن هنا جاء قول أبي زيد الدبوسي:( الملك نعمة علقت بأسباب مشروعة)(6).
ومن الآيات الكريمة الواضحة في هذا: قوله تعالى: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه)(7)، وقوله سبحانه: (وأتوهم من مال الله الذي آتاكم)(8). قال القرطبي (9) ـ عند تفسير الآية الأولى ـ:( إنها دليل على أن أصل الملك لله سبحانه،
_________________________________________________
1 ـ الأنبياء: 107.
2 ـ الحديد: 25.
3 ـ البقرة: 30.
4 ـ لقمان: 20.
5 ـ الأعراف: 10.
6 ـ أبو زيدٍ الدبوسي تقويم أصول الفقه: 74.
7 ـ الحديد: 7.
8 ـ النور: 33.
9 ـ القرطبي، الجامع لتفسير آيات الأحكام 17 : 238.