ـ(72)ـ
العادية فقد يمكن أن يدعي أن الفهم العرفي الذي يواجه حالة التخالف بين الموردين يلجأ إلى هذا التقييد.
ويتوضح هذا الفهم العرفي عندما نلاحظ ما جاء في الأخبار الدالة على التوسعة في الخبرين المتعارضين، وأن المكلف له أن يأخذ بأيهما شاء من باب التسليم طبعاً إذا تغاضينا عن ما في سندها وعممنا دلالتها لغير الروايتين المتعارضتين، بل حتى لو لم نعمم ولم تتم أسنادها فإنها تكشف عن حالةٍ عرفيةٍ في الفهم.
وعلى أي حالٍ، فقد يقال: إن القائلين بأن التقليد هو الالتزام لا يواجهون هذه المشكلة، وفيهم من أمثال صاحب الكفاية ـ رحمة الله عليه ـ وصاحب العروة حيث يقول:(التقليد: هو الالتزام بالعمل بقول مجتهدٍ معينٍ وإن لم يعمل بعد).
إلاّ أنه قد يقال هنا: إن الملحوظ في البين هو الطريقية حتى على رأي هؤلاء، وليس المراد أخذ الالتزام بنفسه موضوعاً حتى يمكن أن تشمله الإطلاقات.
ثم إنه على رأي غالب علماء المذاهب الأربعة لابد من الصيرورة إلى جواز التلفيق أو التبعيض بعد أن لم يشترطوا الأعلمية من جهة، وبعد أن اعتبروا أنها جميعاً موصلة إلى الحق، ولم نعثر على حجة قوية للقائلين برفض التبعيض.
ثم إن السيد الخوئي ـ رحمه الله ـ في ذيل هذا البحث فرق بين حالتين: حالة عدم العلم باختلاف الفتويين، وحالة العلم بالاختلاف في مجال العمل بهما في عمل مركب واحد ارتباطي، فأجازها في الأولى ولم يجزها في الثانية، حتى على تقدير التعميم في الدليل باعتبار أن صحة الأجزاء الارتباطية ارتباطية أيضاً، فإذا أتى بجزء طبق فتوى واحتمل بطلان ما أتى به واقعاً وأتى بالجزء الآخر طبق فتوى الآخر واحتمل البطلان فهو يشك في صحة صلاته، ولا حجة معتبرة لديه في صحتها، ولا يفتي أي من المجتهدين بصحتها، فلابد من الإعادة، وهو معنى البطلان.
والظاهر أن ما قاله المرحوم السيد الحكيم أمتن في البين. ولم نستطيع تبين الفرق بين الحالتين بالنسبة لهذا المورد.