ـ(233)ـ
وأخبرني المنذري، عن أبي العباس أنه سمع ابن الأعرابي يقول: أنا أول من فطر هذا، أي: ابتدأه.
وقال صاحب اللسان في شرح قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ:(كل مولود يولد على الفطرة)، قال:(الفطر: الابتداء والاختراع)(1).
وقال الراغب(2):(الفطرة: الحالة: كـ(الجلسة) و(الركية).
وقال أيضا:(وفطر الله الخلق، وهو: إيجاده الشيء وإبداعه على هيئة مترشحة لفعل من الأفعال، فقوله:(فطرة الله التي فطر الناس عليها) هي: ما ركز فيه من قوته على معرفة الإيمان المشار إليه بقوله:(ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله)(3)، وقال:(الحمد لله فاطر السموات والأرض)(4).
ولابد لنا هنا أن نشير إلى أن(فطرة) على وزن(فعلة) وهي(الصيغة) التي تدل على(الهيئة) أو(الحالة)، وهذا يعني: أن الله ابتدأ خلق الناس على هيئة وحالة، ولابد أن تكون هذه الهيئة والحالة لها صلة بالدين، وذلك يفهم من سياق الآية، حيث يقول عز من قائل:(فأقم وجهك...).
فـ(الفطرة) إذن: حالة وهيئة دينية خلق عليها الناس ابتداء، ولكن ماذا تعني هذه الحالة الدينية ؟ فإذا رجعنا إلى النصوص فإن أول ما يتبادر إلى الذهن من الحديث المشهور:( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء)(5)
وفي لفظ مسلم:(ما من مولود يولد إلاّ يولد على الفطرة فأبواه يهودانه،
_________________________________
1 ـ لسان العرب لابن منظور(مادة فطر).
2 ـ مفردات الراغب للأصفهاني: 382.
3 ـ الزخرف: 87.
4 ـ فاطر: 1.
5 ـ صحيح البخاري 3: 197.