ـ(226)ـ
الكرم، ونحو ذلك، وعلى هذا فلا دخل له في الموضوع، ولا حجة به.
ومما نذكره على سبيل الطرافة ـ لما فيه من تصوير شدة بعض الفقهاء أحياناً ـ ما علق به ابن حزم الظاهري ـ وهو بصدد الكلام على ورود المجاز أو عدم وروده في لسان الشرع ـ إذ يقول:
(... وقد ذكر رجل من المالكيين ـ يلقب(خويزمنداذ)(1) ـ أن للحجارة عقلاً، ولعل تمييزه يقرب من تمييزها ! ويقول: إن من الدليل على أنها تعقل قوله تعالى: (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من حشية الله )(2) فدل ذلك على أن لها عقلاً، أو كلاماً هذا معناه.
وأعجب العجب أن هؤلاء القوم يأتون إلى الألفاظ اللغوية فينقلونها عن موضوعها بغير دليل فيقولون: معنى قوله تعالى:(وثيابك فطهر) ليس الثياب المعهودة، وإنما هو القلب، ثم يأتون إلى ألفاظ قام البرهان الضروري على أنها منقولة عن موضوعها في اللغة إلى معنى آخر، وهو: إيقاع الخشية على الحجارة، فيقولون: ليس هذا اللفظ منقولاً عن موضوعه، مكابرة للعيان، وسعياً في طمس نور الحق، وإقراراً لعيون الملحدين الكائدين لهذا الدين !1 ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره، وبالله تعالى التوفيق). انتهى كلام ابن حزم.
(د) ومن أسباب الخلاف في فهم القرآن والسنة أيضاً: أن اللغة العربية قد يرد فيها العام مراداً به عمومه الشامل لكل ما يطلق للفظ، وقد يرد فيها العام مراداً به بعض ما يدل عليه، وهو العام المخصوص.
1 ـ وقد يكون ذلك واضحاً لا يخفى على أحد، فلا يختلف في معناه مثل: قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض إلاّ على الله رزقها)(3) فهذا من العام المراد به
________________________________
1 ـ هو أبو بكر، محمد بن أحمد بن عبد الله المالكي الأصولي من أهل البصرة، توفي في حدود الأربعمائة(هـ)، أنظر: الإحكام لابن حزم وحواشيه 4: 33 وما بعدها.
2 ـ البقرة: 74.
3 ـ هود: 6.