ـ(186)ـ
وزنها وقيمها كان ـ إلى هذا كله ـ يحارب في نفوس الأمة عوامل القنوط. فالظلام لابد أن يعقبه الضياء، والعسر لابد أن يأتي بعده اليسر، والضيق ينتهي بالفرج.
ولهذا كان من منهجه: أن يثبت بالدليل العلمي أن كل الأفكار البشرية التي يغتربها من لا فقه لهم بالإسلام مآلها البوار، وأن المستقبل وحده للإسلام. وكان يرى أن الفكر المادي الإلحادي الشيوعي سينهار أولا ً، ثم يليه الفكر الرأسمالي.
وقد حدث ما ذهب إليه الرجل بعد وفاته بنحو ربع قرن، وسيحدث أيضاً الانهيار بالنسبة للفكر الرأسمالي الغربي مهما طال به الأمر. وهذا يعني: إفلاس كل النظم البشرية، ولن ينقذ الناس من فوضى المناهج والنظريات الوضعية إلاّ الإسلام، وحتى يتحقق ذلك يجب على المؤمنين بهذا الدين أن يكونوا في حياتهم وفي علاقاتهم صورة حية واقعية لهذا الدين، حتى يقودوا غيرهم إليه، ويكونوا دائماً رواداً على طريق الحق والخير للناس كافة.
على أن قطب كان في جهاده من أجل دينه وأمته لا يهادن الباطل ولا يخشى في الحق لومة لائم، وقد ذهب شهيداً بسبب شجاعته وصلابة يقينه، وقد حاول الذين آذوه وقتلوه أن يمنعوا فكره وآراءه من الذيوع والانتشار، ولكن(الزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس فإنه يمكث في الأرض )، وقد ذاعت أفكار قطب على مستوى العالم الإسلامي، بل على مستوى العالم كله، وترجمت مؤلفاته، وبخاصة(الضلال) إلى أكثر من لغة غير عربية(1) والأمل وطيد في أن تجد هذه الأفكار طريقها للتطبيق( حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله)،(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)(2).
____________________
1 ـ جريدة أخبار اليوم 11/9/ 65.
2 ـ انظر المستقبل لهذا الدين لسيد قطب، والآية 21 من سورة يوسف.