ـ(183)ـ
ومن يقرأ مؤلفات سيد قطب ـ وعلى رأسها كتاب(الظلال) ـ فإنه يلاحظ أن منهج هذا المفكر في تحقيق الوحدة الإسلاميّة والتقارب بين المذاهب الفقهية والفرق الكلامية يقوم على عدة دعائم، من أهمها:
أولاً: أن العقيدة الإسلاميّة ـ عقيدة التوحيد والوحدة، والأخوة والتكافل والمودة ـ هي الأساس الراسخ الذي ينهض عليه كيان الأمة، ويتحقق به عزتها وكرامتها، ومن ثم كان وقاية هذه العقيدة كل عوامل الزيغ والضعف هو السبيل لأن تظل العقيدة الإسلاميّة القوة التي تجمع تحت لوائها كل المؤمنين بها. ومن هنا كان سيد قطب يرفض كل ما أخذ به الفلاسفة والمتكلمون من مناهج عقيمة في دراسة العقيدة، كان يرى ـ وهو على حق في هذا ـ أن تلك المناهج فرقت الأمة ولم تحم العقيدة من أسباب الانحراف والفساد، وكان لذلك يؤكد دائماً على وجوب الأخذ بالأسلوب القرآني في دراسة العقيدة. فهذا الأسلوب مزاج من الفكر والوجدان، والعقل والشعور. والإنسان ليس عقلا صرفا ولا وجدانا صرفا، فمخاطبته وفق فطرته التي فطرها الله عليها هو أقصر طريق لصحة الإيمان وسلامة اليقين.
لقد دعا سيد قطب إلى نبذ مناهج الفلاسفة(1) وبين أنها مناهج دخيلة على الفكر الإسلامي، وأن المحافظة على أصالة هذا الفكر وصفائه ونقائه تقتضي الرجوع إلى المنهج القرآني في دراسة العقيدة، حتى تضل العقيدة حية نقية من كل الشوائب، تقود الأمة إلى حياة العبودية الخالصة لله رب العالمين، وحياة الاعتصام الصحيح بحبل الله، وحياة الأخوة الإسلاميّة بمفهومها الشامل، وبهذا تكون الأمة بنياناً مرصوصاً، أو جسداً واحداً يشد بعضه بعضاً.
ثانياً: ومع دعوة سيد قطب إلى دراسة العقيدة الإسلاميّة وفق المنهج القرآني وبعيداً عن تعقيدات علماء الكلام والفلاسفة كان يحرص أبلغ الحرص على أن
____________________________________
1 ـ مجلة الشهاب العدد 24 في 10 جمادى الأولى 1394 هـ .