ـ(113)ـ
صغره لا يخرب الذمة. نعم، التحجير يمنع المحجر عليه من التصرف في أعيان أمواله، كما يمنعه من أن يضيف إلى ذمته ديوناً أخرى بحيث يشترك الدائن الجديد مع الديان القدماء.
أما إذا انشغلت ذمته بإتلاف مال غيره فيكون للمتلف ماله الحقيقي ذمة المتلف يتبعه بعد فراغ ذمته من الديون السابقة على دينه. كما يمكن للمحجر عليه أن يستدين على أن يدفع المال الكلي للدائن بعد فراغ ذمته من الديون السابقة، وهذا معناه: أن ذمته باقية رغم التحجير عليه.
10 ـ قد تقدم منا: أن الذمة لا تخرب بالموت، وإنما إذا كانت ديون الميت تستغرق التركة فتوثق الديون بتعلقها بماله إضافة إلى ذمته. فتكون حقوقهم في هذه الحالة شبه عينية.
أما إذا مرض الإنسان مرض الموت فالأولى أن لا تسقط ذمته. ولا تخرب.
فما ذهب إليه بعض الحنابلة(1) من:( أن الذمة تنهدم بمجرد الموت؛ لأن الذمة من خصائص الشخص الحي، وثمرتها صحة مطالبة صاحبها بتفريغها من الدين الشاغل لها. وأما إذا مات فقد خرج الإنسان عن صلاحية المطالبة فتنهدم الذمة. وعلى هذا، إذا مات الإنسان دون أن يترك مالا فمصير ديونه السقوط، وإن ترك مالا تعلقت الديون بماله) ضعيف؛ وذلك لأن ثمرة الذمة ليست هي فقط مطالبة صاحبها بتفريغها من الدين الشاغل لها ـ وقد تقدمت منا فوائد الذمة ـ على أن تفريغ الذمة ليس هو فقط بأداء صاحب الذمة ما عليه، فقد عرفنا سابقاً: أن المتبرع يتمكن أن يفرغ الذمة المشغولة، كما أن الإبراء أيضاً كذلك، وكذا الضمان.
ثم إننا لا ندري ما هو الدليل على أن صاحب الذمة المشغولة إن لم يترك مالاً عند موته تسقط ديونه؟ !!
نعم، الميت غير مكلف بأداء الدين بعد موته؛ لأنه خرج عنه كونه مكلفاً، أما
___________________________________________________________
1 ـ القواعد لابن رجب: 193، عن الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد 3: 238.