/ صفحه 85/
لم تمض على صبيحة تلك الليلة الحالة الممتعة بضعُ ساعات، حتى وفانى أحد معارفى ـ وأنا في مكتبتى ـ وهو رجل عرف بمعاطاة الكتب النادرة والتحف النفيسة، فناولنى كتابا لف بمنديل كما رأيته في رؤياى وقال لي: خذ ضالتك. فتحته فإذا مكتوب على أول صفحة في طغرائه..)).
ثم يمضى السيد الصفار في صفة تحقيق تلك الرؤيا التي رأى; ويمضى في مقدمته ذاكرا أنه عرض عمله على العلامة الدكتور مصطفى جواد الذي كان له فضل أي فضل في أن يخرج الديوان على هذا الوضع الذي ظهر للناس...
وقد صُدّر هذا الديوان بثلاث مقدمات، أولاها للسيد العالم العراقي الأستاذ محمد رضا الشبيبى. وقد تضمنت هذه المقدمة بحوثا عميقة تنم عن علم غزير واطلاع واسع، تناولت سيرة المرتضى من شعره، حيث وصح السيد فيها سيرة المرتضى مع معاصريه من رجال الدولة على اختلاف منازعهم وتباين مشاربهم، كما تناول مأساة الخليفة الطائع الذي أجبر على التنازل عن الخلافة، وأخذ خطة بذلك التنازل ليستخلف بعده القادر بالله، وذلك في أيام بهاء الدولة الديلمي.
وتناول كذلك الشريف المرتضى (الشاعر العالم).
وتلى هذه المقدمة مقدمة الدكتور مصطفى جواد، ينوه فيها بالديوان. ثم تغلبه طبيعة المؤرخ فيكتب تحقيقا في مدفن المرتضى، ذهب فيه إلى أن الشريف المرتضى دفن في داره، وأن التربة المجاورة لمشهد الإمام موسى بن جعفر المعزوة إلى الشريف ليست له ألبتة. ثم يكتب تحقيقا دقيقا في تعيين الموضع الذي كانت فيه دار الشريف.
والمقدمة الثالثة لمحقق الديوان، وفيها ترجمة مستفيضة للشاعر ولأسرته، وذكر سماته الخلقية والخلقية، وكلمة في خزانة كتبه الخاصة وولوعه بجمع الكتب، وبيان شيوخه، وعقيدته ومذهبه الكلامي، ومذهبه في الفقه والأصول، واجتهاده ومسلكه في تعليل الأخبار وتأويلها، وبراعته في المناظرة وعلم الكلام، وعلمه باللغة وغريبها، وبيان فلسفته، ورأيه في النفس وعدم تجردها، وقوله في المنامات والأحلام وفيه نسبتها إلى النفس، ورأيه في المنجمين، وذكر ما كان بينه وبين أبي العلاء المعرى من محاورة فلسفة عميقة، وبيان منزلته الاجتماعية والسياسية، وبيان معاصريه وأصحابه من الخلفاء والملوك، والوزراء والنقباء والأمراء والعلماء، ثم ذكر تلاميذه، ثم وفاته ومدفنه، وبيان عقبه ونسله، ثم بيان مؤلفاته وفهرس كتبه التي أربت على السبعين، والقول في شاعرية المرتضى وديوان شعره، ثم الكلام على فسخ الديوان.