/ صفحه 410/
((ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوه قبيحاً فهو عند الله قبيح)) فظن المؤلف أن من موضوعات الإجماع الحكم بما يعارض كتاباً أو سنة، فإذا أجمع المسلمون على تقبل عادة وإبقائها ـ كما يقول ـ فإنها تصبح عادة مقبولة، ولو كانت معارضة للنص ـ هكذا فهم المؤلف، وكان عليه أن يدرك أنه لا يمكن الإجماع على مخالفة نص صحيح، وأن الرسول ينفي أن يحدث من الأمة إجماع على ذلك، ويقرر أن الله تعالى عصم الأمة من وقوع مثل هذا الإجماع فيها، إذ لا بد أن يوجد من يخالف فلا يتم الإجماع.
وقد رتب المؤلف على ما فهمه أمراً، هو ما توهمه من أن السر في نجاح المبشرين المسلمين في أفريقيا دون المبشرين المسيحين، هو أن الأولين استطاعوا أن يلائموا بين العقائد الإسلامية، وبين العادات المحلية للزنوج الأفريقيين بصورة عجز عنها المسيحيون، وقال المؤلف: إنه سيترتب على ذلك أنه ما لم يحدث شىء غير متوقع، فمن المنتظر أن يعتنق زنوج أفريقيا الديانة الإسلامية أكثر من احتمال اعتناقهم للدين المسيحي.
ولا شك أن ما يقوله المؤلف عن وجود فرص التقبل أمام المبشرين المسلمين أكثر من المبشرين المسيحين في هذا المجال صحيح، ولكن السر الذي ربطه به غير صحيح كما بينا، لأنه مبني على خطأ في التصور السليم لفكرة الإجماع وشروطها الأساسية، ومدى إمكانها لتقدير حكم شرعي، أو تقبل عادة ما، أحدثها الناس ورغبوا في إقرارها.