/ صفحه 367/
حقائق ونتائج:
ومما تقدم تتضح لنا الحقائق الآتية:
(1) أن الإنسان لم يُخلق في هذه الحياة عبثا، ويم يترك فيها سدى، وإنما خُلق لخلافة الأرض وعمارتها، وحمل أمانة الشرائع السماوية، والقيام بحقوق الألوهية والربوبية، ليتزود منها كما لا يُعده للعروج إلى الملأ الأعلى، والرجوع إلى عالم الأبدية والجزاء والخلود.
(2) أن الموت الذي تنتهي به حياة الأفراد ليس نهاية أبدية للإنسان، وإنما هو نقلة من دار التكليف والعمل والابتلاء، إلى دار الخلود والحساب والجزاء.
(3) أن ماقررناه من استخلاف الإنسان في الأرض واستعماره فيها، وحمله أمانة التكاليف والابتلاء، وأخذه بقوانين المسئولية والبعث والحساب والجزاء، هي الحقائق التي قررتها الكتب السماوية، واستقرت في أعماق الضمير الإنساني، ولكن أكثر الناس في ماضيهم وفي حاضرهم، قد اجتالتهم الشياطين عما هو كامن في ضمائرهم وأحاسيسهم، فضلوا طريق الحق وهو على كثب منهم، وانحرفوا في عقائدهم وسلوكهم عن الغاية التي خلقوا لأجلها.
(4) أن الإلحاد با ينطوي عليه من إنكار الإنسان لخالقه، وكفرانه بنعمة ربه، يمثل في نظر العقول الرشيدة أبشع صور الجحود والكفران، وأن الإباحية بما تتوي عليه من الخضوع لطغيان الأهواء والشهوات، هي في الواقع هدم لشخصية الإنسان وسيطرته على غرائزه، وامتهان لكرامته، وإذلال لإنسانيته، وإضاعة لحِمكة خَلقه، وإهدار لسر وجوده.
(5) أن الإلحاد والإباحية متلازمان في الوجود وفي نوايا الداعين إليهما، فلا يوجد في مجالات الفكر وساحات الوجود إلحاد إلا ومعه إباحية سافرة، تتمثل فيها مبادىء الإلحاد وتعاليمه وأهدافه، ولا توجد إباحية كذلك إلا ومعها إلحاد يدعو لها ويقوم بنشرها، ويصطنع لها من تعاليمه الإلحادية فلسفة براقة زائفة مصدرها وحي الشيطان والهوى، وقوامها السفسطة والتضليل، وغايتها التمويه على