/ صفحه 364/
وإنما خلق الله الإنسان وجعله خليفة في الأرض، يَعمُرها ويمشي في مناكبها(1)إلى أجل مسمى، ويطالع في صحائف العوالم الكونية ماشاء الله أن يطالع، من بدائع صنعه في خلقه، وعجائب ملكه وأسرار عوالمه، ودلائل وجوده ووحدانيته، وباهر قدرته وإحاطة علمه.
واستودعه أمانة شرائعه، والقيام بحقوق ألوهيته وربوبيته، وأجرى عليه
ــــــــــ
(1) جوانبها ونواحيها.
قوانى المسئولية والجزاء، ليتزود من الحياة الدنيا كما لا يُعِدّه للعروة إلى الملأ الأعلى، والرجوع إلى عالم الأبدية والجزاء والخلود، كما قال تعالى في سورة البقرة: ((وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليقة(1)، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال إني أعلم ملا تعلمون)) 2:30 وفي سورة الأنعام: ((وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم، إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم)) 6:165، وفي سورة الذاريات: ((إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا)) 18:7، وفي سورة الجاثية: ((من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون)) 45:15.
وأعد له داراً خالدة لتكون دار حساب وجزاء، كما كانت الدنيا دار تكليف وعمل وابتلاء، وقدَّر لكل من عمل الخير وعمل الشر جزاء وفافا، يوفاء العامل على سنن العدل الإلهي في دار الجزاء والخلود، كما قال تعالى في سورة العنكبوت: ((كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون)) 29:57، وفي سورة البقرة: ((واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ماكسبت وهم لا يظلمون)) 2:281، وفي سورة النجم: ((وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى، ثم يجزاه الجزاء الأوفى، وأن إلى ربك المنتهى)) 53:39 ـ 43، وفي سورة الزلزلة: