/ صفحه 358/
وأخرج البيهقي في الدلائل عن هشام بن عروة عن أبيه: كل شىء نزل من القرآن فيه ذكر الأمم والقرون فإنما نزل بمكة، وماكان من الفرائض والسنن فإنما نزل بالمدينة، إلى غير هذا من الضوابط التي لا تطَّرد مثل الضابط الأول، ولا تميز المكي من المدني تمييز قاطعاً.
ولهذا كله كثر اختلافهم فيما هو مكي وماهو مدني من السور، فروي عن ابن عباس أنه قال: سألت أبيَّ بن كعب عما نزل من القرآن بالمدينة فقال: نزل بها سبع وعشرون سورة، وسائرها بمكة، وقال أبو الحسن بن الحصار في كتابه ((الناسخ والمنسوخ)) المدني باتفاق عشرون سورة، والمختلف فيه اثنتا عشرة سورة، وما عدا ذلك مكي باتفاق.
وقد عقد السيوطي في الإتفاق فصلاً في تحرير السور المختلف فيها، فذكرها على الترتيب الآتي:
(1) سورة الفاتحة: قيل نزلت بمكة، وهو قول أكثر العلماء، وقيل: إنها نزلت بالمدينة، وقيل: إنها نزلت مرة بمكة ومرة بالمدينة، وقيل: إن نصفها الأول نزل بمكة، ونصفها الثاني نزل بالمدينة.
(2) سورة النساء: زعم النحاس أنها مكية مستنداً إلى قوله تعالى فيها: ((إن الله يأمركم أن تؤدُّوا الأمانات إلى أهلها، لأنها نزلت بمكة اتفاقاً في شأن مفتاح الكعبة بعد فتحها، وهو مردود بأن هذا يثبت نزولها بعد الهجرة إلى المدنية، فتكون مدنية لا مكية على ما سبق من الأشهر في المكي والمدني، لأن فتح مكة كان بعد الهجرة.