/ صفحه 345/
وهذه أمور مسلمة في الفقه الجعفري ذكرناها على سبيل الإشارة، وشروط الطلاق على النحو المذكور تجعل الحياة الزوجية هادئة مستقرة، لأن الطلاق لا يهيمن عليه إكراه خارجي، ولا سكر يمنع من التفكير بالمصير، ثم هو بحاجة ملحة إلى شهادة عدلين ليصح الطلاق. والمدة التي تمكن الزوجة من إحضار عادلين قد تكون مذة تذهب فيها حالة الغضب، وهكذا اشتراط الطهارة من الحيض، فإن الانتظار في هذه الفترة قد يزول فى سوء التفاهم الذي دعا الزوج أن يهدد كيان العائلة بالطلاق، ولا سيما إذا انتهت الزوجة من أيام الحيض ودخلت في دور الطهارة، حيث يجوز للزوج الحرث من حيث أمر الله فيغرس النبت ويسقي الزرع.
وأما نص القانون على التعاقد على شروط من قبل الزوجة، فهذا ما قاله الفقه الجعفري منذ عهده الأول يوم فجر ينابيعه ((أهل البيت))(عليهم السلام)، فقد صرح أعلام الفقه الجعفري بأنه يجوز إدخال كل شرط جائز في العقد، فيصح للزوج أن يوكل زوجته بطلاق نفسها نيابه عنه إذا اشترطت عليه شرطا وأدخل به، فلو اشترطت عليه دوام الإنفاق، ثم امتنع عن الإنفاق نصف سنة مثلا مع إطاعتها له، فهي وكيلة عنه في طلاق نفسها منه، وعندئذ لها إقامة الدعوى عند فقد هذا الشرط، فإن إقامت البينة المقبولة على الشرط المدعى به، وعلى تركها المدة المذكورة من غير سبب يدعو إلى نشوزها تحكم المحكمة بطلاقها حسب الوكالة.
6 ـ الطلاق بيد الحكاكم الشرعي في بعض الموارد:
الطلاق حق من حقوق الرجل بغير شك، ولكن هذا الحق قد يستثنى منه بعض الموارد إذا اقتضت المصلحة هذا الاستثناء، فالزوج إذا غاب غيبة منقطعة جاز للمرأة أن ترفع أمرها إلى القاضي المجتهد العادل، فيؤجلها أربع سنين من حين الرفع، ويبعث في طلبه ومعرفة حاله في الآفاق، فإن لم يعرف خبره، ومضت المدة ولم يكن ولي، ملك الحاكم حق الطلاق، فيفرق بينهما بإجماع المذاهب الخمسة لنفي الضرر.
بل أجاز بعض الأعلام تطليق زوجة المفقود المعلومة حياته، والمحبوس في مكان لا يمكن مجيئه أبداً، والحاضر المعسر الذي لا يتمكن من الإنفاق على زوجته بنفسه، أو بواسطة متبرع مع عدم صبر الزوجة، ففي مثل هذه الصور جعل الطلاق