/ صفحه 317/
وقد وصفت الآية الكريمة هذا النور بوصف مثلته به ـ ولله المثل الأعلى ـ مداره على إثبات قوته وصفائه، وتكامله وتمام بهائه، فبلغت من ذلك الغاية، وقربت الأمر أعظم تقريب.
ثم اقرءوا في النوع الثاني من الصفات مثل قوله تعالى:
((خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون، خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين، والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، إن ربكم لرؤف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق ما لا تعلمون، وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر، ولو شاء لهداكم أجمعين، هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات، إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون، وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون، وما ذأر لكم في الأرض مختلفاً ألوانه، إن في ذلك لآية لقوم يذكرون، وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله، ولعلكم تشكرون، وألقى في الأرض رواسي أن تميدبكم، وأنهاراً وسبلا لعلكم تهتدون، وعلامات وبالنجم هم يهتدون)).
وبعد أن يعد ذلك كله متتابعاً متلاحقا يشد بعضه في البيان أزر بعض، يعقب عليه مباشرة بقوله: ((أفمن يخلق كمن لا يخلق؟ أفلا تذكرون، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم)) فنعلم من ذلك أنه إنما ذكر صفات الخلق، وعدد مظاهر صفات الإنعام، ليقنع الناس بأنه هو الجدير بأن يفرد بالعبودية، وأن المنطق لا يسوى بين من يخلق ومن لا يخلق، ومن ينعم ومن لا ينعم.
وهناك آيات أخرى تناولت هذا المعنى على وجه الإجمال حيناً، وعلى وجوه من التفصيل أحيانا، مثل قوله تعالى: ((أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين))،