/ صفحه 298/
والعقدة التي تكاد لا تحل أمر مرجو، بل محقق إذا صح منك العزم، إن هي إلا صعوبة أو عسر بعده يسر، إنه تعسر لا تعذر ((فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا)).
قلت: المعنيان بعيد كل منهما عن الآخر ما في ذلك شك، وأنه لمأزق أو عقدة يمكن أن نحلها ونوفق بين وجهات النظر المختلفة بأن نستبدل بكاد فعلا آخر إذا أردنا نفي الفعل لا نفي المقاربة، أو بعبارة أخرى إذا أردنا تبيان الصعوبة أو العسر الذي بعده اليسر، فنقول مثلا: عقدة تقارب ألا تحل، فمعنى هذا أنها تحل بعد لأي، وكذلك ترضى أصحاب النحو وأصحاب المعاني الذين يأبون إلا الدقة الدقيقة، فلا يخلطون ((تكاد لا تحل)) ((بال تكاد تحل)).
قال: فإنها ليست دقة، بل فرقة ضرورية، ولله درك إذ ترميني بدائك وتنسل حتى لكانك أبو الأسود أو يونس في سلامة النطق، ولكأني الوليد الخليع أو حماد الراوية في اللحن والحمق، ومهما يكن حالي وحالك فإني مصر إصراراً على العقدة التي ((تكاد لا تحل)) وحاشا لله أن أستبد استبدادا أو أستكبر استكبارا، بل أستقر أستقرارا، وأعتمد اعتمادا على خير عمدة في هذه المادة، هو الشماخ بن ضرار(رضي الله عنه) الذي يقول:
فاجروا الرهان فإني ما بقيت لكم * * * غمر البديهة عداء القراديد
قلت: فليس بذي غناء فيما نحن فيه أن تكون بديهته مواتية غمرا أو بحرا، أو أن يكون صلب الكلام أو عداء القراديد.
قال: فأنت لم تنظرني أمضي فيما نحن فيه وهو معنا أذ يقول:
وحلاءها حتى إذا تم ظمئها * * * وقد كاد لا يبقي لهن شحوم