/ صفحه 173/
قلت ـ كلا بطبيعة الحال.
قال ـ فأما المكاء والتصدية والمرباع والصفايا والنشطية والفضول والصوم بمعناه الاجتماعي العام فأمور ما كانت لتغيب عن ذهن شيخك.. هل تريد حج الجاهلية مثلا وعذاري دوار يطفن به عاريات أو في ملاء مذيل..؟
فتلك صورة يرضى عنها أمرؤ القيس.. وما كان ليرضى عنها محمد بن عبد الله عليه صلوات الله وعلى أهل بيته والتابعين.
إن لعبارة: كان الإسلام ولم يكن صلاة ولا صوم إلى آخرها لنازعاً جديداً خذه عن شيخك عن شيخه.. فشهوده والحمد لله أحياء يرزقون.
كانت سنة 1919 أو قبيلها وكانت الناس في حيرة من أمرها ماذا يفعلون؟ وماذا يدعون؟. وكان وكيلا للأزهر الشريف رجل له حينئذ صلاته الاجتماعية وقدرته التوجيهية.. وكان شيخ شيخك على بصيرة من الأمر غير متردد ولا ناكل وكتب إلى وكيل الأزهر كتاباً دخل التاريخ قال فيه: إن الأمر بين لا لبس فيه وإنه متى دعا داعي الحق فلا يشغل الشيوخ عنه شاغل، ولو كان من تكاليف الإسلام بل ولو كان عمادها. فلقد كان الإسلام ولم يكن صلاة ولا صوم. ولكنه لم يكن قط دون وحدة أفتراني أبنت؟.
قلت ـ أجل، وعدتم بنا إلى الوحدة الإسلامية التي انبثقت من وحدة الأمة العربية.
قال ـ فلذلك فاستقم.. وبها فاستمسك.. إنها عروة الله الوثقى التي لا انفصام لها.. إن الحلال لبين. وإن الحرام لبين.. وبينهما متشابهات ((هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله)).
قلت ـ والراسخون في العلم ما خطبهم..؟
قال ـ 0والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند بنا وما يذكر إلا أولو الألباب.. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد أذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلق الميعاد)) فذلك مقولهم فيما يشهد ربهم. كل من عند ربنا المحكمات البينات والأخر المتشابهات فهما صنفان متميزات، وبكل آمن الراسخون في العلم. وما بعد بيان الله بيان لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.