/ صفحه 140/
تتبع وتمحيص، وأخذ شبابنا عن المستشرقين حتى كأنهم المصدر الذي لا يتبقى معه الشك، ولا يقبل التشكيك، وماذا يكون الشأن في من قلد المقلدين؟!...
والحقيقة أن الشيعة أسبق ن الأشاعرة والمعتزلة، بل أسبق المذاهب الإسلامية على الإطلاق، كما يأتي عن الشيخ أبي زهرة، فإن لهم آراء مستقلة استقوها من الكتاب والسنة، وقد يلتقون في بعضها مع الأشاعرة، وفي البعض الآخر مع المعتزلة، ويستقلون بأشياء كثيرة عن كل من الفريقين.
فلقد سبق الإمام على وأولاده الناس إلى الكلام عن الإيمان وعقيدة الإسلام، واهتموا بتفلسفها، والذود عنها بمنطق العقل قبل أن يخلق واصل ابن عطاء، فهذه
ــــــــــ
(1) قريبا يقدم إلى المطبعة إن شاء الله.
(2) شرح المواقف ج 4 ص 123 طبقة 1907
تعاليم أهل البيت مشحونة بالمبادىء العقلية والنقاش المنطقي للدفاع عن العقيدة الإسلامية، ورد الشبهات عن نصوص الكتاب والسنة، وقد صيغت تعاليمهم هذه في قضايا فلسفية طغت على عقول الكثيرين من علماء الكلام وفلاسفة المسلمين، فرددوها على ألسنتهم، ودونوها في أسفارهم، واتخذوها أساسا لفلسفتهم من حيث يقصدون أولاً يقصدون.
إن أئمة الفرق والمذاهب ابتدءوا بعلم الكلام حيث انتهى منه أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 2 ص 128: ((إن أصحابنا المعتزلة ينتمون إلى واصل بن عطاء، وواصل تلميذ أبي هاشم بن محمد ابن الحنيفة، وأبو هاشم تلميذ أبيه محمد، ومحمد تلميذ أبيه علي(عليه السلام))). وذكر هذه الحقيقة التاريخية السيد المرتضى في أماليه ج 1 ص 165، والشهرستاني في الملل والنحل ص 26. وتتلمذ النظام أحد شيوخ المعتزلة على هشام بن الحكم تلميذ الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) (1). وقال الشيخ محمد ابو زهرة في كتابه ((المذاهب الإسلامية)) ص 51: ((الشيعة أقدم المذاهب السياسية الإسلامية، وقد ظهروا بمذهبهم في عصر عثمان، ونما وترعرع في عهد علي، إذ كلما اختلط بالناس ازدادوا إعجاباً بمواهبه وقوة دينه وعلمه)) وعلى هذا يصح القول بأن المعتزلة هم أتباع الإمامية، وليس الإمامية أبتاعاً للمعتزلة...