/ صفحه 118/
ومنها: اختلافهم ـ بعد تمام النصر ـ في قسمة الغنائم.
ومنها: اختلافهم في الأسرى وما به يعاملون أيفدون أم يقتلون؟
وفي جو هذه الشئون عرضت السورة لما يجب أن يكون عليه المسلمون في خاصة أنفسهم من جهة امتثال الأمر والإخلاص فيه والحيطة والحذر من الأعداء، وتذكر نعم الله عليهم والآداب التي يجب مراعاتها أثناء القتال، وفيما يتصل به من إعداد العدة والمحافظة على العهود وعلاقة بعضهم ببعض حتى يكونوا أهلا لما وعدهم الله من النصر والتأييد، وحتى يفوزوا بدرجات المغفرة والرضا عندالله.
درس في تطهير النفوس من حب الدنيا:
وفد بدأت السورة بموضوع الأنفال واختلافهم في قسمتها وسؤالهم عنها. فساقت في ذلك أربع آيات هن:
((يَسألونَكَ عنِ الأنفَالِ قُل الأنفَال للهِ والرَّسولِ فاتقُوا الله وأصلحُوا ذَاتَ بَينكمْ وأطِيعوا اللهَ وَرَسولُه إن كنتم مؤمِنينَ، إنما المؤْمِنونَ الذينَ إذا ذكِرَاللهُ وَجلَتْ قُلُوبهمُ وإذا تليَت علَيهم آياتُه زَادَتهمْ إيَماناً وعلى رَبِهمْ يَتوكلونَ، الَّذين يُقيمونَ الصلاةَ وَمِمَّا رَزَقناهم ينفِقونَ، أولئِكَ هم المؤْمِنُونَ حقَّا لهُم دَرَجاتٌ عِندَ ربِّهمْ وَمغفرَة وَرِزْقٌ كرِيم))
عالجت بها نفوس المؤمنين وتطهيرها من الاختلاف الذي ينشأ عن حب المال والتطلع إلى المادة، ولا ريب أن حب المال والتطلع إلى المادة من أكبر أسباب الفشل، وما من جماعة من الجماعات، ولا أمة من الأمم شغلت بهذا الجانب من الحياة، إلا تفرقت كلمتها وضعفت شوكتها، وزالت عزتها وتمكن منها أعداؤها ومزقوهم شر ممزق. فكان من مقتضيات الحكمة الإلهية في نصرة المؤمنين، واحتفاظهم بعزتهم وكرامتهم والعمل على تركيز سلطانهم أن يتلقوا في مبدإ حياتهم هذا الدرس القوي الذي يقتلع بذور الشح والطمع وحب المادة من قلوبهم، ويصرفهم إلى المثل الأعلى في نصرة الحق والفضيلة والتجرد عما يلوى عنانهم عن طرق الهدى والفلاح.