/صفحة 64/
وبعد فلعل في الأمثلة السابقة رمزاً دالا على نظائرها الكثيرة المتفرقة في أبواب النحو وكلها ينطق بأوضح بيان بما أصاب اللغة (ضبطاً ومبنى وأسلوبا) في صميمها من اساءات بالغة بسبب اخضاعها للعلل والتعليلات واستبداد هذه بتلك. ولا شفاء لها مما أصابها الا باهدار "التعليلات" وازاحتها عن صدرها بعد أن أوسعت الخلاف وعددت الآراء توسيعاً وتعديداً ليس مصدرهما لهجات العرب التي سبق الكلام عليهان وانما مصدره المجادلات والمماحكات اللفظية فاشتد بها الداء.
اللهم الا التعليلات التنظيرية التي أشرنا اليها أول البحث. وقد يكون الأحزم والأولى أن نستعرض التعليلات (غير التنظيرية) واحدة واحدة في مواطنها من القواعد النحوية وندرسها في تؤدة ونصفة ونقضى قضاء مبرما على ما لا خير فيه ـ وما أكثره ـ ونستبقى ما قد يكون مطابقاً للعقل والواقع ـ وما أندره ـ غير مترددين ولا هيابين. بهذا وذاك وما أشرنا به نطهر النحو من عيب أي عيب، ونصفيه من أدناس وأوشاب طغت عليه وأساءت إليه وإلى المشتغليين به والراغبين فيه.