/صفحة 428/
(العرض والطلب). ولم تصبح هذه الكلمة قانوناً واضحاً قبل علماء الاقتصاد الإجتماعيين في الغرب، أعنى قبل فقهاء الغرب من تلامذتنا.
إن أمرنا لعجب حقاً، نسبق الزمن بألف عام، أو نتأخر عنه ألف عام، ألا يمكن عندنا الوسط، ألا تقدر على الاعتدال!
خذ مثلا أبسط من هذا بكثير. خذ حاجة عادية من الحاجيات التي تمارسها أفعال المكلفين يومياً.
(الكولونيا) مثلا، أيليق أن يتردد الفقيه بالحكم عليها بين الطهارة والنجاسة؟. إن أبسط المعلومات تجزم بأن عنصرها الأساسى هو من الكحول، ولكنه يجهل هذا حيناً، ويتجاهله حيناً آخر تحت وطأة الواقع الجديد، فالمكلفون يجدونها حاجة ضرورية.
جهل من هذه الدرجة عار على الفقيه. وغربة.
وليس التجاهل بأخف عيباً.
الجمع بين الأخبار والأحاديث كان فناً من أورع فنون الفقه الاجتهادية وأبرعها. وما يزال الفقهاء يستخدمونه في أمور خيالية. فماذا لايستخدمونه في (الكولونيا) مثلا، فيصلون بين استعمالها الخارجى، وبين استعمالها الداخلى وينتهى الأمر؟
هي من الكحول دون ريب، والكحول محرم شربها وهو محرم معلل التحريم (لا تشرب الخمر لأنها مسكرة) التعليل صريح بأن أساس التحريم صحى، وحتى الأثم في الآية: (وأثمهما أكبر من نفعهما) لم يفكر بغير الشرر الصحى في الخمر، والاقتصادى في الميسر، بدليل أنه مقابل بالنفع، ولما كان تحضير الكحول يومئذ محصور الفائدة بالاستعمال الداخلى. بالشرب لنسيان هم، أو استحداث طيش، وضع الشارع على لمسه النجاسة كى يعقد استعماله على المكلفين، ويكرّهه لهم حرصاً على سلامة عقولهم وقلوبهم، ومن هنا جاء هذا الحكم (كل