/صفحة 410/
قال: لا تخشى شيئا. فلن يضيع حق وراءه مطالب. ولا كتأبط شرا في هذه السبيل. فهو يعلم أن القتل انفى للقتل.
قلت: هذا تفكير عقيم فضحه العلم. وبينه "لمبروزو" العلامة الإيطالى. الذي أثبت أن الجريمة مرض لا يختلف عن غيره من سائر الأمراض والعلل. فأنت حين تقتل القاتل تكون كمن يعاقب إنسانا لأنه مصاب بالسل أو السرطان أو ما شئتم من أدواء ألا إنه لأولى للمجتمع ثم أولى أن يعالج مرضاه لا أن يعاقبهم لأنهم مرضى. فإن فكرة الانتقام وحشية همجية آن للإنسانية أن تخلص منها كما خلصت من كثير من مخلفات القرون الأولى. وإنه لسعيد في تاريخ الإنسان ذلك اليوم الذي تنجلى فيه هذه الحقيقة الاجتماعية فيجد المجرم المسكين الرعاية والدواء بدل الجلادين والسجانين وبقية البلاء الذي يقع فيه الآن من شاء له حظه العاثر أن يكون مربضا بدأ الجريمة.
قال: على رسلك، فلقد كدت ترتفع بالجريمة إلى مرتبة القداسة وتدعوا إلى تكريم المجرمين.
قلت: إنه لمبروزو وهو ما كان ليلقى القول على عواهنه وإنما له منطقه وأدلته العلمية.
قال; فخذها أسطورة علمية يتسلى بها الفارغون وأهل النظر. . وإلا فهل تدلنى على شارع وضعى تأثر بمنطق لمبروزو هذا فنظر بعين الرعاية إلى قاتل أو سارق أو مرتكب مخالفة؟
قلت: إن الشارع الوضعى في الأغلب الأعم جامد بطىء الفهم. فإنه قد يهمل الفكرة الجميلة عشرات السنين ولا يأخذ بها إلا بعد لأى.
قال: ولكنهم في المصحات العقلية سريعو الفهم سليموا الإدراك. فليتهم يلتمسون الشرع الوضعى هناك. حيث لا يصطدمون بعقول جامدة.
قلت: إن العلامة لمروزو عبقرى وليس بذى مرض عقلى.