/صفحة 389/
أما الذين يحاولون أن يشككرا في جدوى الدراسات القانونية في كلية الشريعة، فمن العجيب أنهم ليسوا من الأزهريين، ولا من علماء الدين، وإنما هم أفراد من الذين يتخيلون أن إدخال هذه الدراسات في الأزهر سيكون سببا في مزاحمة خريجى كليات الحقوق بالجامعات الأخرى.
وقد كنا نسمع أن الأزهريين قد أتى عليهم عهد طلب إليهم فيه أن يصوغوا من الشريعة بعض القوانين فرفضوا ذلك احتجاجا بأن صياغة أحكام الإسلام على أسلوب الوقانى الوضعية يجر إلى الاستهانة بها، وتشبيهها بما هو غير مقدس من الأحكام. كنا نسمع ذلك وأن الناس قد اتجهوا إلى قوانين أخرى غير مستمدة من الشريعة لما يئسوا من علماء الشريعة، فكان ذلك هو السبب في أن فقهنا القانونى كان وضعيا ولم يكن شرعيا.
والآن لا نجد في الأزهر ـ والحمدلله ـ من يعترض على إدخال الدراسات القانونية، لأنهم قد أدركوا أن هذا النوع من الدراسات يخدم الفقه الإسلامي، ويعين على المقارنة بينه وبين غيره، ويبرز مزاياه وأن من شأنه أيضا أنه يعرف الأزهريين بأسلوب جديد يستعينون بمعرفته على عرض ما عندهم عرضا جديداً، وتنظيمه تنظيما يفيد في تقريب الانتفاع به، كما أن هذه الدراسات ستكون إلى جانب الدراسات الشرعية، سلاحا لهم في حياتهم المادية، حيث يستطيعون أن يتقدموا إلى مناصب القضاء، ومراكز التوجيه القانونى في الدولة ويومئذ لا يقال لهم إنكم غير أهل لها.
إن أبناء الأزهر قد عرفوا ذلك فرحبوا بهذه الدراسات، وأصبحت كلية الشريعة تستقبل أساطين القانون في كل فرع من فروعه وتستمع إليهم في شغف وإقبال، وتطلب كتبهم ومراجعهم، كما تطلب مراجع الفقه وأصول الأحكام!
فياله من بحث جديد!.