/صفحة 31 /
عمل يده، وإن نبى الله داوود عليه السلام كان يأكل من عمل يده" وذلك لكيلا يكون بين الناس طبقات بسبب تفاوت الأعمال. ولقد منع النبى صلى الله عليه وآله وسلم التواكل، وترك السعى في الأرض فقد قال عليه السلام: "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير من اليد السفلى". وإن من يعمل لاخير فيه، ولوترك العمل لأجل العبادة، فقد جاءه عليه السلام قوم فيهم عابد قد انصرف إلى العبادة، فقال عليه السلام: "كلكم خير منه" ويروى أنه جاءه عابد آخر قد انصرف للعبادة، فسأل أيضاًومن يؤكله، فقالوا: أخوه، فقال النبى القوى: "أخوه أعبد منه". ولقد حث الإسلام على العمل، والتنقيب في الأرض والسعى وتكشف ما فيها من خير، فقد قال تعالى: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها، وكلوا من رزقة وإليه النشور".
12ـهذه تقدمة نقدم بها بحثنا في الاقتصاد الإسلامي لكى يعرف الباحثون أن له منطقا مستقلا، ليس تابعا، وأن على الذين يفكرون في الفكر الاقتصادى الإسلامي ألا يفصلوه عن المعنى الدينى، فإن ذلك المعنى هولبابه وهو غايته، وعلى ذلك لا ينتظر أن يكون متفقا كل الاتفاق مع المناهج المادية التي خلت منالمعانى الروحية، أو أنه يكون متفقا كل الانفاق مع بعضها، وإن الذين يحاولون أن يخضعوه لبعضها يحرفون حقائقه عن مواضعها، وينسون أنه دين ينظرإلى المعانى الإنسانية السامية قبل أن ينظر إلى المعانى المادية المجردة، وكاكانت المادية إلا خادمة للروح كشأن كل دين سماوى لم يزجه أتباعه عن منهاجه المستقيم، ونقف عند هذا الحد، وسنبين في المقالات التالية: الملكية في الإسلام، وطرق الاستغلال، وتوزيع الثروة فيه، ونضرع إلى الله تعالى أن يهدينا لطيب القول ؟