/صفحة 275 /
النبوغ المبكر:
قال البحتري: دخلت يوماً دار الفتح بن خاقان، فوجدت الشعراء في دهليز داره وبينهم صبي صغير السن، قصير القامة.
فقلت: ما أنت يا غلام ؟
قال شاعر
قال: فتبسمت عجباً منه، ثم قلت له: أجز:
ليت ما بين من أحب وبيني.
فقال: من البعد أم من القرب ؟
قلت: من القرب.
فقال:
مثلما بين حاجبي وعيني.
فقلت: فإن أردناه من البعد.
فقال:
مثلما بين ملتقى الخافقين.
قال: فأخذت بيده، وأوصلته إلى الفتح، وأخبرته بما دار بيني وبينه.
فعجب منه وأجازه.
أيهما أفضل: الأمتثال أم الأدب:
اختلف العلماء في ذلك؛ فمن يرى الأدب أفضل من الامتثال يحتج بما روى: من أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اوفي على حسان بن ثابت، فهم بالقيام فأشار عليه الرسول الكريم بألا يفعل فلم يمتثل لذلك ووقف وهو يقول:
قيامى للعزيز على فرضٌ وتركُ الفرض ما هو مستقيم
عجبت لمن له عقل وفهم يرى هذا الجلال ولا يقوم
ومن يرى الامتثال أفضل يحتج بما روى: من أن كثير عزة رؤى راكباً ومحمد الباقر يمشى معه !.