/صفحة 264/
أراد ابن معاوية من التنكيل بأهل البيت أن يطفئ نور الله، وأن تكون الكلمة العليا للشر والظلم، وظن أنه انتصر، وتم له ما أراد بقتله الحسين، ولكن انتصاره كان زائفاً، وإلى أمد، فسرعان ما زالت دولة الأمويين وظلت ذكريات كربلاء ومبادئ الحسين حية إلى يوم يبعثون، وقد جابهت السيدة زينب يزيد بهذه الحقيقة، حيث قالت من كلام تخاطبه فيه:
" أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى إن بنا على الله هو أنا، وبك عليه كرامة ؟ !. . . فمهلا مهلا. . . فو الله ما فريت إلا جلدك، وما حززت إلا لحمك. . ولئن جرت على الدواهي مخاطبتك إني لاستصغر قدرتك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما حين لا تجد إلا ما قدمت يداك. . فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا ولا يرخص عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد ؟!" .
وصدقت نبوءة السيدة العظيمة، فقد سقط يزيد وخلفاء يزيد الواحد بعد الآخر، وانهارت دولة الأمويين بعد مصرع الحسين بنصف قرن، وظل المسلمون يلعنون يزيد ويحتفلون بذكرى الإمام الشهيد يوم قتله ويوم مولده من كل عام.
فهذه مصر تحتشد فيها الحشود، وتنصب السرادقات وترتفع دقات الدفوف وإيقاع الطبول، وتمتلئ بالبهجة أصوات المطربين والمنشدين لمولد الإمام ومولد أخته بطلة كربلاء. فليس الشيعة وحدهم يهتمون ويحتفلون بذكرى الحسين. بل المسلمون عرباً وعجماً في كل مكان، وإذا اختلفت الأساليب وتعددت المظاهر فالجوهر واحد. قرأت في العدد الثاني من مجلة " الغد" المصرية تاريخ فبراير سنة 1959 كلمة بعنوان " مولد السيدة وأعياد الأمة العربية" جاء فيها:
" خلال أعظم معركة في سبيل العقيدة، شهدها التاريخ القديم لأمة العرب برزت شخصية السيدة زينب " رئيسة الديوان" كما نسميها نحن أبناء مصر بطلة باسلة مؤمنة شجاعة، حتى أن يزيد بن معاوية الأفاق لم يجرؤ على مناقشتها عندما ساقوها إليه، ورفضت أن تبايعه، ولعنته كما لعنت كل الذين يغدرون ويطعنون