/صفحة 189 /
وقال الآخر:
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
أي وليس الأوان أوان صلح. فحذف المضاف إليه أوان، منوي الثبوت، وبنى كما فعل بقبل وبعد. إلا أن أوانا لشبهه بنزال وزنا بنى على الكسر ونوّن اضطرارا. . . ) اهـ.
8 ـ وفي الصبان تحت عنوان أفعال المقاربة ما نصه:
(لم يقل كاد وأخواتها على قياس ما سبق، لأن هذه العبارة تدل على أن كاد أم بابها ولا دليل عليه، بخلاف أمِّية، كان، لأن أحداث أخوات كان داخلة تحت حدثها، ولأن لها من التصرفات ما ليس لغيرها. والمقاربة مفاعلة على غير بابها، والمراد أصل القرب، لأن الفعل هنا من واحد؛ كسافَر، لأن من اثنين كقاتَل، اهـ أفادة " سم " وتبعه البعض وغيره، ولك أن تجعلها على بابها لقرب كلٍّ من معنى الاسم، ومعنى الخبر من الآخر وإن كانت دلالتها على قرب الخبر بالوضع وعلى قرب الاسم باللزوم. وهل عين " كاد " ياء أو واو ؟ قولان واستدل لكونها واوا بحكاية سيبويه كدت بضم الكاف أكاد وكان قياس مضارع هذه اللغة أكود، لكنهم شذوا فقالوا: أكاد. وجعله ابن مالك من تداخل اللغتين، فاستغنوا بمضارع كدت المكسورة الكاف عن مضارع مضمومها) اهـ.
فأي كلام هذا ؟ ولا نستطيع أن نقول أي هذر ؟ لأنا وسط هذا البلاء لا ننسى فضل النحاة وعظيم شأنهم، وإن وقع منهم ما يسوء كالذي نحن بصدده، وهل لنا أن نتساءل مرة أخرى: كيف صدر مثل هذا عن الأعلام المحققين ؟ وما الباعث عليه ؟ وكيف تسلل منهم إلى خلفائهم النحارير وجرت به ألسنتهم واحتوته كتبهم حتى وصل الينا سليما معافي ؟ لم يتناوله لسان بالقدح، ولم يمتد إليه قلم بالمحو، ولم تضق به صدور العلماء والمتعلمين حتى نهاية القرن الميلادي السالف. ومهما يكن من شيء فلا مجال للتردد اليوم في أنه آفة من آفات النحو وشائبة من شوائبه يجب البدار إلى القضاء عليها في غير تردد ولا تريث، وتحرير عقل المتعلمين من شرورها