/صفحة 166/
كان أول القائمين بطلبها أمثلهم: محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي الإمام، وللإختصار حتى لا يكون تكرار ينسب هكذا: محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى، وقد اشتهر باللقبين: النفس الزكية، والمهدي.
نعم إنه أخفق واستشهد، وقد حاولها أخوه إبراهيم بعده، فكان المصير المصير، ثم خرج على قدر بعدهما الحسين الحسني فلقى حتفه في يوم عصيب هاج أحزان بني الحسن، بل أعاد إلى الناظرين تمثل فظائع الأمويين في الحسين وبنيه التي لم تغب صورتها عن أذهانهم.
و(نَكْء القَرْح بالقرح أوجع)
وسترى كلمة عن كل من هؤلاء الثلاثة في هذا العهد العباسي مكتفين بهم، كما ذكرنا ثلاثة الحسينين في العهد الأموي سابقا، وها هو ذا البيان:
1 ـ النفس الزكية: (1)
سمة الشرف، وشارة الحسب، وعنوان المجد والعظمة، يشف عن طهارة الروح، وصفاء السريرة لمن اختص به، واستأهل أن يمتاز به عن سواه من الناس كافة.
وكيف لا؛ وهو الفرع الباسق من الدوحة الحسنية، والمرموق بعين التجلة والإكبار والإيثار على سائر الفروع العلوية.
أهابت به العترة والشيعة في أوائل الدولة العباسية أن يقوم وينهض لنقل الخلافة من العباسيين إليه، فإنه أهلها وأحق بها.
قامت الدعوة له في المدينة المنورة سراً، وتسربت منها إلى ما حولها وإلى مكة، فلبَّاها فرحا بها كل من بلغت مسمعه، وارسل محمد دعاته إلى بعض الأقاليم، كما بعث أخاه إبراهيم إلى البصرة، حتى يتهيأ الشعب للوثوب معه إذا جهر بالدعوة، عندما يحين الوقت الصالح للإنتقاض على الخليفة العباسي، ولكن كيف يبقى السر مكتوما وقد طوَّف بالبلاد ؟ فلم يلبثوا إلا قليلا حتى ذهب بعض ذوى المآرب إلى المنصور وهمس في أذنيه، فأشفق المنصور واغتم، ورأى أن والي المدينة لا غناء

ــــــــــ
(1) في مروج الذهب ج 2 ص 169 (كان يدعي النفس الزكية لزهده ونسكه).