/صفحة 156/
وفي بعض الشعوب كان يعتبر أكل لحم الإنسان عقوبة توقع على مرتكبي بعض الجرائم الخطيرة. فكان في نظرها طريقة من طرق الإعدام أو ملحقاً لازماً من ملحقاته. ففي بعض جزر هبريد الجديدة، لم يكن المأكول من لحومهم من أسرى الأعداء ولا من قتلاهم في الحروب، وإنما كانوا في مرتكبي بعض الجرائم الخطيرة كالقتل وما إليه. وعند قبائل الباتاك في سومطرة يوقع هذا الجزاء كذلك على المحكوم عليهم بالإعدام في بعض الجرائم الخطيرة، وخاصة بعض جنايات القتل والزنا والخيانة والوطنية، وكان الموتورون وأقرباؤهم هم الذين يعهد إليهم بأكل المجرمين.
* * *
وقد يكون الباعث على أكل لحوم البشر مجرد الرغبة في إضعاف الميت، وجعل روحه عاجزة عن إحداث ضرر أو إلحاق أذى بالأحياء، فهو في هذه الحال وسيلة للوقاية من الشر والقضاء على مصادره. ولوحظ هذا الباعث عند كثير من الشعوب البدائية آكلة لحوم البشر. ولذلك كان يقتصر في الغالب لديها على أكل الأعضاء التي يعتقد أنها مقر الروح أو مركز القوة والإقدام، ويعتقد أن ذلك يجعل روح صاحبها عاجزة عن أن تثأر لنفسها من الأحياء أن تلحق بهم ضرراً ما.
* * *
وقد يكون الباعث على أكل جسم العدو أو القريب أو جزء خاص من أحدهما رغبة الآكل في أن تنتقل إليه صفات المأكول جميعها، أو القوى التي يعتقد أنها كامنة في بعض أجزائه. وقد لوحظ هذا الباعث عند كثير من السكان الأصليين بأمريكا الشمالية.
* * *
وقد يكون الباعث على أكل اللحم الإنساني أن تنتقل إلى الآكل البركة التي يتلبس بها من يقدم قربانا إلى الآلهة من الأدميين. فعند السكان الأصليين لفلوريدا