/صفحة 143 /
إن الشعوبية الذين يقولون بفضل الأمم على العرب أو بالتسوية بين العرب وغيرهم من الأمم أغلبهم من الفرس وقد ذهبوا إلى ذلك دفاعا عن أنفسهم وعن أمتهم والشعراء الفرس أشادوا بمآثر الفرس وعظمتها وتعرضوا بذلك لأنواع من الأذي والشر فكيف يشذ الفقهاء الفارسيون عن هذا ويقررون أن الفرس ليسوا أكفاء للعرب في الزواج، يجب أن نبحث المؤثرات القوية التي أثرت في استنباط هذا الحكم. إننا إذا رجعنا إلى عصر بني أمية وجدنا اعتزاز العرب بعروبتهم وشعورهم بامتيازهم على الأمم الأخرى قد بلغ الغاية فنجد عبد الملك بن مروان يريد أن يصهر لعلقمة بن علاثة فيقول له يا أمير المؤمنين جنبني هجناء ولدك فيأبى أن يزوج ابنته لابن الخليفة لأنه هجين ونرى أن الأغاني يروي أن رجلا من الموالي تزوج بنتا من أعراب سليم فركب محمد بن بشير الخارجي إلى المدينة وواليها يومئذ ابراهيم ابن هشام بن اسماعيل فشكا إليه فأرسل الوالي إلى المولي ففرق بينه وبين زوجته وضربه مائتي سوط وحلق راسه وحاجبيه فقال محمد بن بشير: ـ
قضيت بسنة وحكمت عدلا ولم ترث الحكومة من بعيد
وفيها يقول: ـ
وفي المائتين للمولى نكال وفي سلب الحواجب والخدود
إذا كافأتهم ببنات كسرى فهل يجد الموالي من مزيد
فاي الحق أنصف للموالي من اصهار العبيد إلى العبيد
ويقول ابن حزم عند ذكر ضرار بن عمرو أحد شيوخ المعتزلة: وكانت فيه ثلاثة أعاجيب كان معتزليا كوفيا وكان عربيا شعوبيا وزوج ابنته من علج أسلم وكان يختلف إليه.
فهذا يدل على أنه كان من العجيب أن يتزوج المسلم غير العربي من العربية.
ويظهر أن كثيرا من الموالي كانوا يشعرون في قرارة نفوسهم بتفوق الجنس العربي يدلك على ذلك أن من الموالي من كان ينتسب إلى العرب كذبا وزورا فيعرف ذلك خلطاؤه وعشراؤه فيتندرون به ويذكرونه في شعرهم.