/صفحة 142 /
قال الزيلعي من الحنفية. الكفء النظير لغة يقال كافأه أي ساواه ومنه قوله عليه الصلاة والسلام. المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعي بذمتهم أدناهم.
اعلم أن الكفاءة معتبرة في النكاح لما روى جابر أنه عليه الصلاة والسلام قال: " ألا لا يزوج النساء إلا الأولياء، ولا يزوجن إلا من الأكفاء"، ولأن النكاح يعقد للعمر، ويشتمل على أغراض ومقاصد كالازدواج والصحبة والألفة وتأسيس القرابات، ولا ينتظم ذلك عادة إلا بين الأكفاء، ولأنهم يتعيرون بعدم الكفاءة فيتضرر الأولياء بذلك. وقال مالك رحمه الله: لا تعتبر الكفاءة إلا في الدين لقوله عليه الصلاة والسلام: " الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي إنّما الفضل بالتقوى قال الله تعالى: " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " قلنا المراد في حكم الآخرة وكلامنا في الدنيا.
وذكرني الاستدلال على أن الموالي ليسوا أكفاء للعرب قوله صلى الله عليه وآله وسلم قريش بعضهم أكفاء لبعض بطن ببطن، والعرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة والموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل.
وأنبه هنا إلى ان الحنفية علقوا على الحديث الأول بقولهم رواه الدارقطني والبيهقي، قال أبو عمر بن عبد البر " هذا ضعيف لا أصل له ولا يحتج بمثله "، وقال البيهقي ضعيف وعلقوا على الحديث الثاني فنقلوا قول السروجي فيه " لم أجده في كتب الحديث وإنما ذكر في كتب الفقه ".
هذان الحديثان الضعيفان هما ما اعتمد عليه الحنفية في اعتبار الكفاءة في النكاح وعارضا بهما أصلا من أصول الشريعة وهو المساواة، وقالوا في آية التسوية وحديث التسوية هذا في حكم الآخرة وكلامنا في الدنيا، ومن أين لهم هذا التخصيص؟ والعجب أن أبا حنيفة الفارسي يكون صاحب هذا الحكم وهو ان الأمم ومنهم الفرس ليسوا أكفاء للعرب. وأن الفقهاء العرب يرون أن الأمم كلها في نصاب واحد بعضهم أكفاء لبعض وكان الظن العكس، وهو أن يجتهد فقهاء الفرس في رفع أمتهم وجعلهم أكفاء للعرب ويجتهد فقهاء العرب في رفع أمتهم وفي الحكم بأن الأمم ليسوا أكفاء لهم.