/صفحة 124/
وجئناهم به واضحاً لا لبْس فيه ولا غموض، مطابقا للحق الذي نعلمه سبيلا للسعادة فما كان منهم إلا أن تنكبوا الصراط ونبذوا ما فصلناه على علم وراء ظهورهم مؤثرين عليه إملاء الشهوات والأهواء، وإملاء الحياة الدنيا الفانية. فماذا ينتظرون ؟ أينتظرون حقا غير الحق الذي فصلناه لهم على علم منا ولا حق سواه، وقد ارتضيناه وأكملناه ؟ أم ينتظرون باطلا غير الباطل الذي هم فيه ؟ لم يبق لهم سوى أن ينتظروا عاقبة الأمر وما يؤول إليه الشأن حينما ينكشف لهم الحق ويعترفون به " قد جاءت رسل ربنا بالحق " يقولونها تندماً وتحسراً على ما ضيعوا في جانب ذلك الحق وعندئذ يلتمسون شفعاءهم فلا يجدونهم، أو أن يردوا إلى الدنيا فيعملوا غير الذي كانوا يعملون وهيهات فقد طويت حياة العمل، ومضت حياة الإيمان، وسُجّل عليهم الخزي والوبال و" خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ". وبهذا عادوا إلى قولهم الأول حينما جاءتهم رسل الله يتوفونهم وقالوا لهم: " أين ما كنتم تدعون من دون الله ؟ قالوا: ضلوا عنا. وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ".
وإلى العدد المقبل إن شاء الله تعالى.