/صفحة 106/
القتال، وانما يكون بالغلظة عليهم، وبالتشديد في أمرهم، ولا يصح مجاوزة هذا إلى قتلهم أو قتالهم.
والجواب: أن هذا كان خاصاً بمنافقي المدينة، لأنهم كانوا من رعايا الدولة الإسلامية، ولا يصح لدولة أن نقاتل رعاياها فيما يتعلق بعقائدهم ما داموا مسالمين لها، أما منافقوا مكة فكانوا رعايا حكم أجنبي، فيجب أن يعطوا حكم رعاياه من المشركين، لأنهم كانوا يكثرون سوادهم، ويمالئونهم على المسلمين إلى حد القتال معهم.
ويجب أن ننبه بعد هذا كله إلى أن أولئك المسلمين الذين أو خذوا بايثارهم للحكم الأجنبي على الحكم الإسلامي، لأنه كان محارباً للدولة الإسلامية الشرعية، فيجب أن يفرق بينه وبين حكم أجنبي مسالم لهذه الدولة، ويجب أن يفهم أن الهجرة إلى المدينة إنّما كانت واجبة على المسلمين الموجودين بذلك الحكم الأجنبي المحارب في مكة أو غيرها، بخلاف الموجودين منهم في الحكم الأجنبي المسالم، ولهذا استثناهم الله بعد الآيتين السابقتين في سورة النساء، فقال: "الا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق…" فهؤلاء لا مؤاخذة عليهم، لأن الإسلام لا يصيبه ضرر منهم.