/ صفحه 98/
قيل أن وزن القذيفة التي ارتفعت به بلغ خمسمائة طن، وكان بداخله هذه المرة كائن حي هو الكلبة " لايكا " التي شاء لها القدر أن تسكن كوكباً مصنوعا يدور دورة كاملة حول الأرض كل مائة دقيقة تقريبا، وعلى ارتفاع شاهق يقدر بـ 1700 كيلو متر من سطح الأرض.
لقد عاشت " لايكا " في داخل هذا القمر الثاني أربعة أيام من أيامنا بحساب نظرتنا للحياة على سطح الأرض، ولكنها عاشت أياماً عديدة تبلغ الستين يوما من أيامها في الفضاء، ذلك أنه إذا كان اليوم الظاهر للأحياء هو تلك الفترة التي تمر بين شروقين متتاليين للشمس علينا، أو بين غروبين متتاليين لها، وهي فترة 24 ساعة المعروفة لنا على الأرض، فإن الشمس ذاتها كانت تشرق على " لايكا " وتغرب حوالي 16 مرة في كل يوم من أيامنا، فهي تواجه الشمس مدة نصف دورانها حول الأرض، ثم هي في أغلب الظن لا تواجهها في النصف الثاني من يومها الذي أصبح حوالي ساعة وتلثي ساعة بدل 24. لقد عاشت " لايكا " بعيداً عن عالمنا الارضي.
لقد سافرت " لايكا " ملايين الكيلومترات، وقد قطعت من المسافات حتى الآن ما لم يقطعه أحد من الأحياء خلال حياته الطويلة مهما طال الأجل، لقد كانت تقطع المسافة من " بمباي " في الهند إلى القاهرة في حوالي ثمان دقائق، وقد قطعتها في أسرع الطائرات الجبارة في عشر ساعات، عندما رأينا الظهران في المملكة السعودية ليلا وشاهدنا ونحن على ارتفاع 6 كيلومتر مصابيحها الكهربائية، كنا كمن كان مسافراً من الاسكندرية إلى القاهرة ووصل القطار به إلى قليوب، عند ذلك يتهيأ المسافر عادة لجمع ما في يده وترتيب ما يحمله استعداداً للنزول، وهكذا فوق الظهران وبهذه السرعة الكبيرة التي تبلغ 600 كيلو متر في الساعة كنا على مسيرة ساعتين اثنتين من القاهرة ـ أما " لايكا " فإنها عندما تكون فوق الظهران فإنها على مسيرة مدة تقل عن دقيقتين من القاهرة ـ لقمد عاشت عيشة تختلف عن حياتنا، وفي ظروف غير ظروفنا.
ولقد ماتت في اليوم الرابع من أيامنا، واليوم الستين من أيامها كما قدمنا،