/ صفحه 72/
أو عقوداً أو قيوداً أو حدوداً.. لولاه لكان الإطلاق أو الإنطلاق في تمام معناه أو البهيمية أو البوهيمية أو الوجودية كما يفهمها الذين يكادون لا يعرفون القراءة ولا الكتابة
قلت: نريد أن نفقهها فقه الأستاذ " ساتر " وغيره ممن سبقوه في ألمانيا؟.
قال: إذن حقق وجودك تحقيقاً استقلالياً فأنت حر مخير من حيث كونك إنساناً مفكراً مريداً.
قلت: ومن حيث كوني يعسوباً في خلية الوجود.
قال: ولكن في الوجود يعاسيب غيرك.
قلت: وفيه ملكات غير التي أنشدها.
قال: فقد قيدت حريتك وتنقصت استقلالك.
قلت: لننظر في المسألة نظرة جديةن فإنه لا يناسب وقار الفلسفة أن يشوبها هزل.
قال: فلسفة قديمة تلك الجادة غير الهازلة، وما أحسب " سارتر " كان يقصد إلى شيء من الجد حين طلع على الفتيان والفتيات مبشراً بوجوديته هذه التي عمت وطمت وأصبحت تلوكها ألسنة الصبية في المدارس، بله الجامعات، بل ألسنة العاملين والعاملات في المصانع والمتأجر والمنتديات. وإن تعجب فعجب أن تراها ـ ولقد رأيتها ـ تجاوزت المدن والمدنيين إلى الفلاحين والفلاحات.
قلت: ذلك بأنها فلسفة اجتماعية ليس محلها ما وراء الطبيعة، بل هو الطبيعة الإنسانية والنشاط الانساني.. إنها فلسفة شعبية يستطيع كل مواطن بل كل إنسان ـ ولو مجرداً من صفة المواطنة ـ أن يمارسها بوصف كونه حيوانا ناطقا، فليس بذي بال أن ينتمي إلى أمة معينة، فالآدمية أمة واحدة.
قال: افتراء مبين على آدم والآدميين، فما كانت الآدمية قط ولن تكون أبداً أمة واحدة إلا أن تخبرني خبر ذلك المواطن العالمي أو الدولي فلست أدري... ماذا كان مصيره؟ لقد كتبت عنه الصحف ثم سكتت، أفترى الأمم اعترفت به أم له تنكرت؟ لقد قضى الله أن تكون الآدمية شعوباً وقبائل متعارفة، أي متمايزة. أما أن تكون أمة واحدة فتلك خرافة أو هذيان يتلهى به أصحاب الفراغ... أفحسبتني منهم فتطرقت بي من كهوف الوجودية إلى فلوات المواطنة العالمية؟.