/ صفحه 58/
" إذا عطف على المنصوب (أي على اسم إن) قبل استكمال إن خبرها تعين النصب وأجاز الكسائي الرفع مطلقاً تمسكاً بظاهر قوله تعالى: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون... وقراءة بعضهم إن الله وملائكته يصلون على النبي، يرفع ملائكته وقوله:
فمن يك أمسى بالمدينة رحلة، فإني وَقيّارٌ بها لغَريبُ.
وخُرّج ذلك على التقديم والتأخير أو حذف الخبر من الأول... الخ ".
ثم قال:: قال سيبويه: وأعلم أن ناسا من العرب يغلطون فيقولون إنهم أجمعون ذاهبون وإنك وزيد ذاهبان ".
وجاء في حاشية الصبان تعليقاً على ذلك:
(قوله وأعلم)... اعترض بأنه كيف يسند الغلط إلى العرب؛ وأجيب: بأنه لا مانع ذلك؛ لما سبق من أن الحق قدرة العربي على الخطأ إذا قصد الخروج عن لغته، والنطق بالخطأ. وقيل مراد سيبويه بالغلط مجرد توهم أن ليس في الكلم " إنّ ". وهذا هو ما يدل عليه بقية كلامه كما بسطه في المغني، ويحتمل أن مراده بالغلط شدة الشذوذ. اهـ.
وهذا كلام كسابقة لا يتردد المنصف الأريب في دفعه جملة وتفصيلا، سواء منه ما كان منسوباً لسيبويه والمدافعين عنه والمتأولين له، وما كان منسوباً لسواه.
ومثال آخر من قيض المثل الضاربة في الأبواب النحوية.
جاء في شرح التوضيح باب الممنوع من الصرف (ح 2 ص 213) ما نصه: لا يقال " سكرانة " وأما ما نقل عن بني أسد من أنهم يقولون: " سكرانة "، ويصرفون كلمة: سكران، فقال الزبيدي: ذكر يعقوب أن ذلك ضعيف ردئ. وقال أبو حاتم: لبني أسد مناكير لا يؤخذ بها. اهـ.
وجاء صاحب التقرير الذي على الهامش فقال: (قوله: وقال أبو حاتم...) وجه كونها مناكير أنها مخالفة للغات الفصيحة. وقد قال: كيف ينظر عليهم ما هو لغتهم التي طبعهم الله عليها؟! هـ.