/ صفحه 56/
ثم قال بعد ذلك مباشرة: " كتب شيخنا العلامة الغنيمي بعده:
أقول على كل تقدير لا إشكال؛ إذ العربي يجوز له أن يتكلم بغير لغته، وهذا بعد تسليم أنه عربي، وأنه يحتج بكلامه. والله أعلم بالصواب " اهـ. ثم كتب الدنوشري معقباً: (قوله: أقول على كل تقدير لا إشكال) كلام ساقط (كذا!!). لا يصدر عن جاهل، فضلا عن فاضل (كذا!!). أما أولا فلأن العربي لا يتكلم بغير لغته، ولو قُطّع إربْا إربْا، كما في مسألة الكسائي وسيبويه. وأما ثانياً فلأن الأعشي ميمونا لا ينكر أحد الاحتجاج بكلامه، وأنه عربي خالص، اهـ. ثم قال: والحق أن العربي يتكلم بغير لغته ولا يتلكم بالخطأ، وسيبويه ظن أن ما قاله الكسائي في مسألة الزنبار خطأ كما حققنا ذلك في حواشي الألفية. وقد رأيت بخط مولانا تاج الدين السبكي رحمه الله كلاما يتعلق بهذه المسألة، ومن جملته: والذي يظهر أن العربي لا يلحن، ولكنه يمكنه أن ينطق بغير لغته؛ فيتعين تأويلها، وذكر مسألة: ليس الطيب إلا المسك، وأن الأحمر واليزيدي لقَّنا بعض الحجازيين الرفع في كلمة: " المسك " وجهدا في تلقينه فلم يفعل، وبعض التميميين النصب وجهدا فلم يفعل. وقال: ليس فيهما أنهما لم يمكنهما النطق بغير لغتهما، بل إنهما لم يفعلا. وفرق بين عدم التمكن وعدم الفعل؛ بأن عدم الفعل قد يجامع القدرة. وأما دعوى أن الأعشي ميمونا لا ينكر أحد الاحتجاج بكلامه فدعوى خالية عن الدليل، إذ وقع لكثير من الائمة الإنكار عن بعض العرب كرؤبة، والعجاج، وأبي بجيلة، ويحتمل ان يكون الأعشي من هذه الطبقة، اهـ.
وجاء في الأشموني وحاشية الصبان عند الكلام على البيت السابق:
" فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم " في باب إعمال " ما " النص التالي: أما قول الفرزدق:
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم إذ هم قريش واذ ما مثلهم بشر
فشاذن وقيل غلط، سببه أنه تميمي، وأراد أن يتكلم بلغة الحجاز، ولم يدر أن من شرط النصب عندهم بقاء الترتيب بين الاسم والخبر، وقيل مؤول " اهـ.