/ صفحه 55/
توضح هذا النوع من الفساد والاضطراب، وما جلب على طلاب النحو والمشتغلين به من متاعب علمية وعملية. قال صاحب التصريح في شروط إعمال " ما "، عمل ليس... ما نصه:
" (ومن شروطها: ألا يتقدم الخبر على الاسم، وأما قول القرزدق:
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم إذ هم قريش واذ ما مثلهم بشر
فقال سيبويه: شاذ؛ ولا يكاد يعرف. وقيل: غلط، وأن الفرزدق تميمي لم يعرف شرطها عند الحجازيين؛ فغلط فيها. وفيه نظر، فإن العربي لا يطاوعه لسانه أن ينطق بغير لغته كما قال سيبويه) " اهـ.
ثم قال المقرر (يس) على الهامش ما نصه:
" الذي قاله سيبويه إنما هو أن العربي لا ينطق بالخطأ، ويجوز أن ينطق بغير لغته كما بيناه في حاشية الألفية، في باب ما لا ينصرف " اهـ.
دهشت من هذا الرأي ـ الأول ـ المنسوب لسيبويه، المردد على ألسنة علماء أجلاء، لا طلاب أغرار قد يذهبون في فهمه مذاهب، ويتخذون منه أحكاماً خطيرة. فبادرت إلى باب ما لا ينصرف في كتاب " التصريح " فرأيت من التناقش والتضارب والجلاد بسليط القول ما يدور معه الرأس، رأيت ما نصه عند الكلام على " فَعَاَلِ " علماً للمؤنث:
" إن أكثر بني تميم يبني ما آخره راء على الكسر، والأقل يعربها، وإن اللغتين اجتمعتا في قول الأعشي ميمون:
ومرَّ دهر على وبَارِ فهلكت جهرةً وَبَارُ "
قال المقرر يس على الهامش (ج 2 ص 225) ما نصه:
(قوله وقد اجتمعت اللغتان) قال الدنوشري: إن هذا الشاعر لا يخلو من أن يكون من غير بني تميم، أو منهم. وعلى تقدير كونه منهم لا يخلو من أن يكون من الكثير منهم، أو من القليل الذين يعربون ما آخره راء (ولا يبنونه كالأكثر) فإن كان الأول أشكل الحال، وعلى الأول من الثاني يشكل بأن الكثير لا يعربون. وعلى الثاني منه يشكل بأن القليل لا يبنون " اهـ.