/ صفحه 47/
أن يكون اشتراط ضم الإمامي إلى غير الإمامي جواباص ورد فعل من فقيه إمامي لقول من قال من السنة بأن الشرط لصحة الحديث ألا تكون فيه رائحة التشيع، وأن شهادة الشيعي لا تقبل.
لقد كان في الفقهاء القدامى من يتكلم عن الدين بدافع التعصب الذي فرضته عليه ظروفه وتربيته، وفضيلة الشيخ أبي زهرة أعرف الناس بهذه الحقيقة، وما لنا ومن تقدم، فإن ظروفنا غير ظروفهم، وبيئتنا غير بيئتهم، فعلينا أن نتجرد للحق، ونأخذ بجوهر الدين، ولا نعتمد إلا على نصوص الكتاب والسنة والحكم العقل، وهي بكاملها جملة وتفصيلا لا توجب علينا شيئاً سوى التثبت مما ننقله أو ينقل إلينا، كي لا نصيب أحداً بجهالة، إن الإسلام لا يشترط أن يكون الراوي سنياً أو شيعياً، بل أميناً، وكفى، وهذا ما عليه علماء الامامية المتأخرون، ونقلته في كتابي " مع الشيعة الامامية "، وأوضحه أخي الفاضل المنصف الشيخ محمد المدني في مجلة رسالة الإسلام العدد الرابع من السنة الثامنة، وقد أطال علماء الأصول في هذا العصر الكلام عن الخبر الواحد في الكتب المقررة للتدريس وغيرها، ولم يعتبروا أي شرط في الراوي غير الوثوق، واستدلوا على الأخذ بحديث الثقة بأن العقلاء يعتمدون على خبره في جميع أمورهم، ويتخذونه طريقة لإطاعة الأوامر التي يلتزمونها، وطريقة العقلاء والعرف حجة متبعة ما لم يثبت النهي عنها من الشرع.
بل وردت نصوص من الكتاب والسنة (1) تؤكد طريقة العقلاء هذه، وبديهة أنهم، وهم الحجة والمستند، لا يفرقون بين رواية السني ورواية الشيعي ما دام الراوي ثقة في النقل.
على أن البحث عن سند الحديث لم يبق له موضوع عند الشيعة اليوم، لأن كل المحققين من علمائهم، أوجلهم لا يعملون بالحديث أي حديث إلا إذا اشتهر العمل به
ــــــــــ
(1) الجزء السادس من الكفاية للخراساني، ورسائل الشيخ الأنصاري، وهذان الكتابان مقرران لتدريس الصفوف العالية، وتقريرات المرزا النائيني وفيها ما في الكتابين وزيادة.