/ صفحه 38/
بما يحتوي عليه كتاب التهذيب والمعالم، وفيما بلى نقدم للقراء طرفاً من الشواهد على هذه الحقيقة، مع الإشارة إلى تحديد بعض المفاهيم التي التبس معناها على المؤلف، لتعقيد أو نقص في عبارة المصدر الذي نقل عنه، أو لاصطلاح خاص لا يعرفه إلا أبناء المدرسة النجفية.
المجتهد المطلق:
1 ـ قال المؤلف ص 29: إن الاستنباط عند الإمامية له دوران: الأول الذي كان ـ أي الاستنباط ـ فيه مطلقا، وهو دور حضور الأئمة وظهورهم، وفي هذا الدور كان الاجتهاد المطلق، وكان للإمام وحده. الدور الثاني: الاجتهاد في حال غيبة الإمام وفي هذه الحال يكون ـ أي الاجتهاد ـ لعلماء المذهب، وإنه بحسب الاصطلاح في الاجتهاد لا يسمى المجتهد في هذا العصر ـ أي عصر الغيبة ـ مجتهداً مطلقا ".
وللشيعة أن يعلقوا على هذا القول بأنهم لا يجيزون بحال نسبة الاجتهاد والاستنباط إلى أحد أئمتهم، لأن المجتهد يفتي بعد البحث وإفراغ الوسع، وقد يصيب في فتواه، وقد يخطئ، وهو في كلتا الحالين مأجور، فإن أصاب يؤجر للإصابة، ولما بذله من جهد، وإن أخطأ يعذر لخطئه، ويؤجر على جهده، والامام في عقيدة الشيعة راو عن آبائه عن جده، فجميع أقواله تنتهي إلى الرسول حتى لو أرسل، ولم يذكر السند، والفرق بينه وبين غيره من الرواة أن الكذب والخطأ والنسيان لا تحتمل في حقه، وهي جائزة في حق سواه.
فالاجتهاد والاستنباط عند الشيعة لا ينسبان إلا إلى الفقيه، وقد أدرك المؤلف هذه الحقيقة حيث قال في ص 38: " إنهم ـ أي الشيعة ـ لا يعتبرون علم الإمام علم إمكان واجتهاد، بل علم إحاطة في موضوع إمامته ". وعرف الشيعة الاجتهاد بأنه ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي من الأصل، وقسموا المجتهد إلى مطلق ومتجزئ، والمجتهد المطلق هو الفقيه الذي يقدر على استنباط جميع الأحكام من أصولها في الموارد التي يظفر بها، أي أنه يستطيع فعلا أو قوة أن يرجع كل