/ صفحه 340/
2 ـ وأن المسلمين على تعدد مذاهبهم وبلادهم وشعوبهم، أمة واحدة تجمعهم جامعة من صنع الله، لا تستطيع السياسة، ولا القوة، ولا الخديعة، أن تحل عراها، وأنهم متجاوبون بقلوبهم، يمكن أن يقرا بعضهم لبعض في يسر وحسن تناول، وأن يجادل بعضهم بعضا بالتي هي أحسن في ظل أخوة الإيمان، وسماحة الإسلام، وأن يصلوا إلى الاتفاق في كثير مما اختلفوا عليه، وأن يعذر بعضهم بعضا في كل ما اختلفوا فيه.
3 ـ وأن من الممكن أن تعيش مجلة كهذه في ظل الإخلاص للحق، والحرص على النصفة والعدل، عمراً طويلا، كالذي نرجو أن يمتد رسالة الإسلام إن شاء الله، دون حاجة إلى أن تصانع ملكا، أو تمشي في ركاب حاكم، أو تقرع الطبول لحزب، أو تحرق البخور لطائفة، أو تتسقط الفتات من مائدة.
ولو أرادت ـ (رسالة الإسلام) ـ شيئا من ذلك لكان لها ما أرادت، ولكنها آثرت أن تدور في فلك الحق والإنصفا، داعية إلى الخير، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، مستغنية بالكفاف عن الآلاف، وها هي ذي أعدادها الأربعون، كلها نمط واحد، ليس فيها نازل وصاعد، أو ضال وراشد.
* * *
فالحمد لله أولا وآخراً، حمداً كثيراً طيباً طاهراً، ونسأله تعالى ـ وهو الذي تأذن لعباده: " لئن شكرتم لأزيدنكم " ـ أن يلهمنا من الشكر، ما نستحق به المزيد من الفضل، وأن يجعل جهادنا خالصاً لوجهه الكريم، لندخل في عداد المحسنين الذين وعدهم وعد الحق ليهدينهم سبله: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا، وإن الله لمع المحسنين ".