/ صفحه 309/
وثار بين العلماء والأدباء خلاف في وصف جمع غير العاقل بفعلاء، يجيزه بعض قياساً على وصفه بالمقرون بالتاء، والمقرون بالألف المقصورة، من مثل: " إلا أياماً معدودة "، و " لقد رأى من آيات ربه الكبرى ". ويمنعه بعض آخر بحجة أنه غير وارد في نص، يصح الاستشهاد به.
فليس يجوز عند هؤلاء، أن يقال مثلا: الورود الحمراء، ولا الخطب الجوفاء، بل الورود الحمر، والخطب الجوف، إلى أن ألقى المغفور له العلامة الجليل الأستاذ الشيخ محمد الخضر حسين، بحثاً في الموضوع على مؤتمر مجمع اللغة العربية، ذهب فيه إلى جواز الوصف بفعلاء، حين يكون الموصوف جمعاص لغير العاقل؛ أخذاً من عموم القاعدة المقررة في وصف هذا الجمع، وقياساً للوصف بالمقرون بالألف الممدوة على الوصف بالمقرون بالتاء، والمقرون بالألف المقصورة.
وذكر أن الوصف بفعلاء كثير من كلام المولدين والمحدثين، وأورد شواهد من منظومهم والمنثور. واقترح على المؤتمر في نهاية البحث: " أن يصدر قراراً في صحة التركيب الذي يوصف به جمع غير العاقل بصيغة فعلاء، قطعاً للمناقشة التي تدور حول هذا الأسلوب (1) ". ووافق المؤتمر على اقتراحه في جلسته الحادية عشرة، في 18 فبراير سنة 1947 (2).
والبحث لا شك قيم، والقرار الذي اتخذ في موضوعه حكيم، أوافق عليه، وأحتج له بنص من القرآن الكريم لا أرى أن يكون معه محل للنصوص المحدثة والمولدة التي استأنس بها العلامة الشيخ الخضر، رحمه الله. ذلك هو قول الله تعالى في بعض القراءات: " الذي جعل لكم من الشجر الخضراء ناراً فإذا انتم منه توقدون ".
قال الزمخشري رحمه الله تعالى: " قرئ الأخضر على اللفظ، وقرئ الخضراء على المعنى ونحوه قوله تعالى: " من شجر من زقوم، فمالئون منها البطون، فشاربون عليه من الحميم (3) ".

ــــــــــ
(1) مجلة مجمع اللغة العربية: 7: 254 ـ 256.
(2) المصدر السابق: 158.
(3) الكشاف: 2: 258.