/ صفحه 302 /
وكثير من الجزائر المحصورة بينهما ولدى عشائر التودا بجنوبي الهند وعشائر المازاييس والباهيما بأفريقية.
ويظهر أن بعض قبائل العرب في الجاهلية كانت تأخذ بهذا الشكل من الزواج.
وإلى هذا تشير السيدة عائشة أم المؤمنين في حديثها عن النكاح في الجاهلية إذ تقول: " كان يجتمع الرهط دون العشرة، فيدخلون على المرأة فيصيبونها. فإذا حملت ووضعت ترسل اليهم، فلا يستطيع واحد منهم أن يمتنع. فإذا اجتمعوا عندها تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم، وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان، تسمى من أحبت باسمه، فيلحق به ولدها، لا يستطيع أن يمتنع عنه الرجل (1) ".
ويظهر من هذا النص أن عدد الرجال الذين كان يباح لهم الزواج بامرأة واحدة وفق هذا النظام ما كان يصح أن يزيد على تسعة (2)، وأنه ما كان يشترط أن توجد بينهم رابطة قرابه، وأن معاشرتهم للزوجة لم تكن على صورة دائمة، ولم تكن لها مقوّمات الحياة العائلية، وأن هذه الصلة على الرغم من حالتها المؤقتة ومن تجردها من صفات الحياة العائلية، كانت توجب على الرجال بعض التزامات فيما يتعلق بنسب الأولاد على الأخص؛ فكان للمرأة الخيار في أن تلحق ولدها بأي رجل منهم فيتصل نسبه به.
(الشكل الثالث): أن يكون للمرأة زوج واحد، ولكن يباح لغيره أن يتصل بها فترة ما محددة قبل زفافها أو بعده في ظروف معينة وبقيود خاصة، بدون أن يكون لهذا الدخيل صفة الزوج ولا حقوقه.
فمن ذلك نكاح " الاستبضاع " الذي كان شائعاً عند قدماء اليونان وعند العرب في الجاهلية وعند الهنود وغيرهم. وهو أن يدع الزوج زوجته تتصل

ــــــــــ
(1) رواه البخاري، جزء ثالث آخر ص 153 وأول 154 (طبعة عبد الرحمن محمد سنة 1343 هـ) في " باب من قال لا نكاح إلا بولي ".
(2) فان زادوا على ذلك اعتبرت المرأة بغياً، وطبق عليها نظام البغايا الذي أشارت إليه عائشة في قسم آخر من حديثها.