/ صفحه 294 /
قويت دوافع الانتقام والسيطرة عنده، بدلا من دوافع الانسجام بينه وبين غيره في مجتمع آخر. فلم يقف في استخدامه هذه المعرفة الطبيعية والرياضية، التي تكون ما يسمى: " بالعلم الحديث "، عند حد النافع منها لخير البشرية، ورفع مستوى الأفراد صحياً، وعقلياً، وخلقياً:
أ ـ فلم يقف بصنع السيارة عند حد السيارة العادية؛ بل صنع الدبابة وقاذفة اللهب.
ب ـ ولم يقف بصنع الطيارة عند حد النوع الذي يساعد على تقريب المسافات البعيدة والتفاهم، عن طرق المبادلات التجارية وتبادل الآراء، بين الشعوب؛ بل صنع قاذفات القنابل، والطائرات المقاتلة، والصواريخ الموجهة.
ج ـ ولم يقف بصنع السفينة عند نوع السفينة التي تستعمل لنقل المدنيين، أو البضائع التي تستهلك في الحياة المدنية، من مكان إلى مكان؛ بل صنع البارجة، والمدمرة، والغواصة.
د ـ ولم يقف في تطبيق تلك المعرفة الرياضية والطبيعية عند حد توفير الغذاء، واللباس، والدواء؛ بل اخترع الغازات السامة، وميكروبات الموت، والألغام البحرية والبرية.
و ـ ولم يقف في صنع الآلات الميكانيكية التي تستخدم في الزراعة والحياة المدنية للإنسان عند الحد الذي يساعد الإنسان على توفير المحاصيل والراحة له؛ بل صنع ما يبيده ويهدد حياته البشرية جملة، وهي القنبلة الذرية والهيدروجية.
وكلما طبق " العلم الحديث " في اختراع آلة للإهلاك والإفناء اخترع ما بقي منها أو يقلل من أخطار الإهلاك والإفناء، عن طريق الآلة المبيدة الفتاكة. وهكذا....
هو يسترسل في اختراع المهلك والمبيد، وفي اختراع ما يقلل من آثار الإهلاك والإفناء. وهكذا: " العلم الحديث " أصبح مجال تطبيقه هو التنافس على تكثير مصادر الشر، وهكذا زاد الإنسان، عن طريق هذه المعرفة في اختراع وسائل الهدم والإبادة، أكثر من اختراع وسائل الراحة والصيانة للجنس البشري.