/ صفحه 292/
حين الإمكان لا محالة. فأما الأمة الإسلامية أمة التوحيد الأمة الواحدة فإن الأمر فيها على النقيض مهما شجر بينهم من خلاف ومهما تعددت بهم المذاهب فإن التبعيد بينهم متجاوز حين الإمكان ذلك بأنهم إن فعلوا خرجوا على أصول العقيدة.
قلت: أمة واحدة ولكنه سبحانه وتعالى قطعها في الأرض أمما.
قال: بما كسبت أيديها. ولقد عفا عن كثير فما كان تعالى ليضل قوماً بعد إذ هداهم. وما كان مغيراً ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
قلت: لو عرفنا أصل الداء لنشدنا الدواء.
قال: " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرتين ولتعلن علواً كبيراً. فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولى بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً. إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها. فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا. عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ".
قلت: أولئك بنو إسرائيل. وهم لنا عدو مبين والله المسئول أن يكون قد اقترب وعد الآخرة.
قال: ما كان القرآن الكريم كتاب تاريخ وما كان قصصه الحق مجرد تسجيل لوقائع قد خلت من قبل وإنما هي عبر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ودروس اجتماعية يفيد منها من سبقت لهم الحسنى ويعرض عنها من حقت عليهم الأخرى وما ربك للعبيد. " عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا ". أفتراها لبني إسرائيل خاصة؟ إنها للمجتمع في دورانه الدائب في إحدى اثنتين صحة العقيدة والعمل الصالح. هذه واحدة والثانية الفساد في كليهما. وما دام المسلمون غير مستجيبين لداعي الوحدة فهو الفساد في كليهما. وهم والله للذين كفروا ولله الأمر من قبل ومن بعد.
قلت: عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده.
قال: فذاك وإن تكن الأخرى فشىء أحاذره ونحن على كل حال بقضائه راضون، وهو حسبنا ونعم الوكيل.