/ صفحه 290/
ألمانيا وكل ما هو ألماني؛ تجدهم الآن يسلمون أن صاحبهم فولتير كان غراً أحمق بالقياس إلى ليبنتس الألماني العلامة المحقق.
قال: ليكن يوما من أيامك التي تبدو فيها شيخ شيخك فماذا عن ليبنتس أيضا. أباق منه بقية؟
قلت: إنه عقل شامل من تلك العقول النادرة التي تجيئ على فترة ممن سبق. وما أحسبنا تدبرنا واحدة مما فكر وابتكر على كثرته حتى نقول بقية منه، وأكبر الظن عندي أن أهم ما يعنيكم منه هو المشروع الضخم الذي حاول مع " بوسوي " ان يضعه موضع التنفيذ: إنه مشروع جمع كلمة المسيحية التي عدت عليها الطائفية. فشتتتها شيعاً ومذاهب وهي في الحقيقة أمة واحدة لو كانوا يعلمون.
قال: حسبي منك ومن ليبنتس. فهو على كل حال رجل استقام على طريق الفطرة. فأنت تعلم أن الانسان يولد والملة السمحة ملته. وإنما يهوده أو ينصره أبواه. أي ينحرفان به عن سواء السبيل. أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه. كذلك وصى الله نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى.
قلت: هذا أمر لا شك فيه. ولكن تبقى المسألة الكبرى وهي: أكان قبل رسالة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رسالة عامة إلى الناس كافة.
قال: أنت ـ مسلما ـ لا يجوز أن تسأل هذا السؤال فإنك لتعلم من تاريخ الرسالات أنها بدأت خاصة. أفلم يصطف سبحانه وتعالى بني إسرائيل؟ بلى ولقد فضلهم على العالمين. نحن شعب الله المختار. كذلك كانوا يقولون. وما كانوا كاذبين. هم وحدهم يعبدون الله وحده وسائر الناس من حولهم وثنيون. ولكن سنة الله كما يقال بحق صاحبك ليبنتس أن يتطور كل شئ إلى أحسن. فهذا الخصوص لابد مستحيل عموما.. على أن الخصوص العموم نهايتان بينهما برزخ هو فيما أعتقد رسالة عيسى (عليه السلام) ـ لقد جاء ـ كما قال: " ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم. أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله.
وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون